responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 9  صفحه : 51

عامتهم مع ذلك باتقائها يدل على أنها وإن كانت قائمة ببعض الجماعة لكن السيئ من أثرها يعم الجميع ثم قوله تعالى : « وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ » تهديد للجميع بالعقاب الشديد ولا دليل يدل على اختصاص هذا العقاب بالحياة الدنيا وكونه من العذاب الدنيوي من قبيل الاختلافات القومية وشيوع القتل والفساد وارتفاع الأمن والسلام ونحو ذلك.

ومقتضى ذلك أن تكون الفتنة المذكورة على اختصاصها ببعض القوم مما يوجب على عامة الأمة أن يبادروا على دفعها ، ويقطعوا دابرها ويطفئوا لهيب نارها بما أوجب الله عليهم من النهي عن المنكر والأمر بالمعروف.

فيئول معنى الكلام إلى تحذير عامة المسلمين عن المساهلة في أمر الاختلافات الداخلية التي تهدد وحدتهم وتوجب شق عصاهم واختلاف كلمتهم ، ولا تلبث دون أن تحزبهم أحزابا وتبعضهم أبعاضا ، وو يكون الملك لمن غلب منهم ، والغلبة لكلمة الفساد لا لكلمة الحق والدين الحنيف الذي يشترك فيه عامة المسلمين.

فهذه فتنة تقوم بالبعض منهم خاصة وهم الظالمون غير أن سيئ أثره يعم الكل ويشمل الجميع فيستوعبهم الذلة والمسكنة وكل ما يترقب من مر البلاء بنشوء الاختلاف فيما بينهم ، وهم جميعا مسئولون عند الله والله شديد العقاب.

وقد أبهم الله تعالى أمر هذه الفتنة ولم يعرفها بكمال اسمها ورسمها غير أن قوله فيما بعد : « لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً » وقوله : « وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ » ـ كما تقدم ـ يوضحها بعض الإيضاح ، وهو أنها اختلاف البعض من الأمة مع بعض منها في أمر يعلم جميعه وجه الحق فيه فيجمح البعض عن قبول الحق ويقدم إلى المنكر بظلمه فلا يرد عونه عن ظلمه ولا ينهونه عن ما يأتيه من المنكر ، وليس كل ظلم ، بل الظلم الذي يسري سوء أثره إلى كافة المؤمنين وعامة الأمة لمكان أمره سبحانه الجميع باتقائه ، فالظلم الذي هو لبعض الأمة ويجب على الجميع أن يتقوه ليس إلا ما هو من قبيل التغلب على الحكومة الحقة الإسلامية ، والتظاهر بهدم القطعيات من الكتاب والسنة التي هي من حقوقها.

وأيا ما كان ففي الفتن الواقعة في صدر الإسلام ما ينطبق عليه الآية أوضح

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 9  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست