responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 9  صفحه : 45

فللإنسان حياة أخرى أعلى كعبا وأغلى قيمة من هذه الحياة الدنيوية التي يعدها الله سبحانه لعبا ولهوا ، وهي الحياة الأخروية التي سينكشف عن وجهها الغطاء ، وهي الحياة التي لا يشوبها اللعب واللهو ، ولا يدانيها اللغو والتأثيم ، لا يسير فيها الإنسان إلا بنور الإيمان وروح العبودية قال تعالى : « أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ » : المجادلة : ٢٢ وقال تعالى : « أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها » : الأنعام ١٢٢.

فهذه حياة أخرى أرفع قدرا وأعلى منزلة من الحياة الدنيوية العامة التي ربما شارك فيها الحيوان العجم الإنسان ، ويظهر من أمثال قوله تعالى : « وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ » : البقرة : ٢٥٣ وقوله : « وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا » : الآية الشورى : ـ ٥٢ أن هناك حياة أخرى فوق هاتين الحياتين المذكورتين سيوافيك البحث عنها فيما يناسبها من المورد إن شاء الله.

وبالجملة فللإنسان حياة حقيقية أشرف وأكمل من حياته الدينية الدنيوية يتلبس بها إذا تم استعداده بالتحلي بحلية الدين والدخول في زمرة الأولياء الصالحين كما تلبس بالحياة الدنيوية حين تم استعداده للتلبس بها وهو جنين إنساني.

وعلى ذلك ينطبق قوله تعالى في الآية المبحوث عنها : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ » فالتلبس بما تندب إليه الدعوة الحقة من الإسلام يجر إلى الإنسان هذه الحياة الحقيقية كما أن هذه الحياة منبع ينبع منه الإسلام وينشأ منه العلم النافع والعمل الصالح ، وفي معنى هذه الآية قوله تعالى : « مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ » النحل : ـ ٩٧.

والآية أعني قوله فيها : « إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ » مطلق لا يأبى الشمول لجميع دعوته صلى‌الله‌عليه‌وآله المحيية للقلوب ، أو بعضها الذي فيه طبيعة الإحياء أو لنتائجها التي هي أنواع الحياة السعيدة الحقيقية كالحياة السعيدة في جوار الله سبحانه في الآخرة.

ومن هنا يظهر أن لا وجه لتقييد الآية بما قيدها به أكثر المفسرين فقد قال بعضهم : إن المراد بقوله : « إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ » بالنظر إلى مورد النزول : إذا دعاكم إلى الجهاد إذ فيه إحياء أمركم وإعزاز دينكم.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 9  صفحه : 45
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست