قوله
تعالى : « أَفَمَنْ أَسَّسَ
بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ » إلى آخر الآية شفا البئر طرفه ، وجرف الوادي جانبه الذي انحفر بالماء أصله وهار الشيء يهار
فهو هائر وربما يقال : هار بالقلب وأنهار ينهار انهيارا أي سقط عن لين فقوله : « عَلى شَفا جُرُفٍ
هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ » استعارة تخييلية شبه فيها حالهم بحال من بنى بنيانا
على نهاية شفير واد لا ثقة بثباتها وقوامها فتساقطت بما بني عليه من البنيان وكان
في أصله جهنم فوقع في ناره ، وهذا بخلاف من بنى بنيانه على تقوى من الله ورضوان
منه أي جرى في حياته على اتقاء عذاب الله وابتغاء رضاه.
وظاهر السياق
أن قوله : « أَفَمَنْ
أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى » إلخ ، وقوله : « أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا
جُرُفٍ » إلخ ، مثلان
يمثل بهما بنيان حياة المؤمنين والمنافقين وهو الدين والطريق الذي يجريان عليه
فيها فدين المؤمن هو تقوى الله وابتغاء رضوانه عن يقين به ، ودين المنافق مبني على
التزلزل والشك.
ولذلك أعقبه
الله تعالى وزاد في بيانه بقوله : « لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ » يعني المنافقين « الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً » وشكا «
فِي قُلُوبِهِمْ » لا يتعدى إلى مرحلة اليقين « إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ » فتتلاشى الريبة بتلاشيها « وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ » ولذلك يضع هؤلاء ويرفع أولئك.
( بحث روائي )
في المجمع ،
قال المفسرون : إن بني عمرو بن عوف اتخذوا مسجد قبا ، وبعثوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يأتيهم فأتاهم وصلى فيه ـ فحسدهم جماعة من المنافقين
من بني غنم بن عوف ـ فقالوا : نبني مسجدا فنصلي فيه ولا نحضر جماعة محمد ، وكانوا
اثني عشر رجلا ، وقيل : خمسة عشر رجلا ، منهم : ثعلبة بن حاطب ومعتب بن قشير ـ
ونبتل بن الحارث فبنوا مسجدا إلى جنب مسجد قبا ـ.
فلما بنوه أتوا
رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو يتجهز إلى تبوك ـ فقالوا : يا رسول الله إنا قد
بنينا مسجدا ـ لذي العلة والحاجة والليلة الممطرة والليلة الشاتية ، ـ وإنا نحب أن
تأتينا فتصلي فيه لنا ـ وتدعو بالبركة فقال صلىاللهعليهوآله : إني على جناح سفر ـ ولو قدمنا أتيناكم إن شاء الله
فصلينا لكم فيه ، فلما انصرف رسول الله صلىاللهعليهوآله من تبوك ـ نزلت
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 9 صفحه : 391