نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 9 صفحه : 374
الاتباع مقارنا لإحسان في المتبع عملا بأن يأتي بالأعمال الصالحة والأفعال
الحسنة فهو لا يلائم كل الملاءمة التنكير الدال على النوع في الإحسان ، وعلى تقدير
التسليم لا مفر فيه من التقييد بما ذكرنا فإن الاتباع للحق وفي الحق يستلزم
الإتيان بالأعمال الحسنة الصالحة دون العكس وهو ظاهر.
فقد تلخص أن
الآية تقسم المؤمنين من الأمة إلى ثلاثة أصناف : صنفان هما السابقون الأولون من
المهاجرين والأنصار ، والصنف الثالث هم الذين اتبعوهم بإحسان.
وظهر مما تقدم
أولا : أن الآية تمدح الصنفين الأولين ، بالسبق إلى الإيمان والتقدم في إقامة صلب
الدين ورفع قاعدته ، وتفضيلهم على غيرهم على ما يفيده السياق.
وثانيا : أن « مِنَ » في قوله : « مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ » تبعيضية لا بيانية لما تقدم من وجه فضلهم ، ولما أن
الآية تذكر أن الله رضي عنهم ورضوا عنه ، والقرآن نفسه يذكر أن منهم من في قلبه
مرض ومنهم سماعون للمنافقين ، ومنهم من يسميه فاسقا ، ومنهم من تبرأ النبي صلىاللهعليهوآله من عمله ولا معنى لرضى الله عنهم ، والله لا يرضى عن
القوم الفاسقين.
وثالثا : أن
الحكم بالفضل ورضى الله سبحانه في الآية مقيد بالإيمان والعمل الصالح على ما يعطيه
السياق فإن الآية تمدح المؤمنين في سياق تذم فيه المنافقين بكفرهم وسيئات أعمالهم
ويدل على ذلك سائر المواضع التي مدحهم الله فيها أو ذكرهم بخير ووعدهم وعدا جميلا
فقد قيد جميع ذلك بالإيمان والعمل الصالح كقوله تعالى : « لِلْفُقَراءِ
الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ
فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ » إلى آخر الآيات الثلاث : الحشر : ـ ٨.
وقوله : « مُحَمَّدٌ رَسُولُ
اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ـ إلى أن قال ـ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً » الفتح : ـ ٢٩.