نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 9 صفحه : 327
يتلوه على الناس كلام إلهي وقرآن منزل من عنده فيصف سبحانه الكلام الذي
يخاف منه المنافقون بما له من الوصف عند النبي صلىاللهعليهوآله وهو أنه سورة منزلة من الله على الناس ومنهم المنافقون
لا على ما يراه المنافقون أنه كلام بشري يدعى كونه كلام الله.
فهم كانوا
يحذرون أن يتلو النبي صلىاللهعليهوآله عليهم وعلى الناس كلاما هذا نعته الواقعي وهو أنه سورة
منزلة عليهم بما أنها متوجهة بمضمونها إليهم قاصدة نحوهم ينبئهم هذه السورة
النازلة بما في قلوبهم فيظهر على الناس ويفشو بينهم ما كانوا يسرونه من كفرهم وسوء
نياتهم ، وهذا الظهور في الحقيقة هو الذي كانوا يحذرونه من نزول السورة.
وقوله : « قُلِ اسْتَهْزِؤُا
إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ » كأن المراد بالاستهزاء هو نفاقهم وما يلحق به من
الآثار فإن الله سمى نفاقهم استهزاء حاكيا في ذلك قولهم حيث قال : « وَإِذا لَقُوا
الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا
إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ » البقرة : ـ ١٤ فالمراد بالاستهزاء هو ستر ما يحذرون
ظهوره ، والأمر تعجيزي أي دوموا على نفاقكم وستركم ما تحذرون خروجه من عندكم إلى
مرأى الناس ومسمعهم فإن الله مخرج ذلك وكاشف عن وجهه الغطاء ، ومظهر ما أخفيتموه
في صدوركم.
فصدر الآية وإن
كان يذكر أنهم يحذرون تنزيل سورة كذا وكذا لكنهم إنما كانوا يحذرونها لما فيها من
الأنباء التي يحذرون أن يطلع عليها النبي صلىاللهعليهوآله وتنجلي للناس ، وهذا هو الذي يذكر ذيلها أنهم يحذرونه
فالكلام بمنزلة أن يقال : يحذر المنافقون تنزيل سورة قل إن الله منزلها ، أو يقال
: يحذر المنافقون انكشاف باطن أمرهم وما في قلوبهم قل استهزءوا إن الله سيكشف ذلك
وينبئ عما في قلوبكم.
وبما تقدم يظهر
سقوط ما أشكل على الآية أولا : بأن المنافقين لكفرهم في الحقيقة لم يكونوا يرون أن
القرآن كلام منزل من عند الله فكيف يصح القول أيحذرون أن تنزل عليهم سورة؟.
وثانيا : أنهم
لما لم يكونوا مؤمنين في الواقع فكيف يصح أن يطلق أن سورة قرآنية نزلت عليهم ولا
تنزل السورة إلا على النبي صلىاللهعليهوآله أو على المؤمنين؟.
وثالثا : أن
حذرهم نزول السورة وهو حال داخلي جدي فيهم لا يجامع كونه استهزاء.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 9 صفحه : 327