الآيات تعقب
القول في المنافقين وبيان حالهم وفيها ذكر أشياء من أقوالهم وأفعالهم ، والبحث عما
يكشف عنه من خبائث أوصافهم الباطنة واعتقاداتهم المبنية على الضلال.
قوله
تعالى : « وَمِنْهُمْ مَنْ
يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا » الآية الفتنة هاهنا ـ على ما يهدي إليه السياق ـ إما
الإلقاء إلى ما يفتتن ويغر به ، وإما الإلقاء في الفتنة والبلية الشاملة.
والمراد على
الأول : ائذن لي في القعود وعدم الخروج إلى الجهاد ، ولا تلقني في الفتنة بتوصيف
ما في هذه الغزوة من نفائس الغنائم ومشتهيات الأنفس فافتتن بها واضطر إلى الخروج ،
وعلى الثاني ائذن لي ولا تلقني إلى ما في هذه الغزوة من المحنة والمصيبة والبلية.
فأجاب الله عن
قولهم بقولهم : « أَلا فِي
الْفِتْنَةِ سَقَطُوا » ومعناه أنهم يحترزون بحسب زعمهم عن فتنة مترقبة من قبل الخروج ، وقد
أخطئوا فإن الذي هم عليه من الكفر والنفاق وسوء السريرة ، ومن آثاره هذا القول
الذي تفوهوا به هو بعينه فتنة سقطوا فيها فقد فتنهم الشيطان بالغرور ، ووقعوا في
مهلكة الكفر والضلال وفتنته.
هذا حالهم في
هذه النشأة الدنيوية وأما في الآخرة فإن جهنم لمحيطة بالكافرين على حذو إحاطة
الفتنة بهم في الدنيا وسقوطهم فيها فقوله : « أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا » وقوله : « وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ
» كأنهما معا
يفيدان معنى واحدا وهو أن هؤلاء واقعون في الفتنة والتهلكة أبدا في الدنيا
والآخرة.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 9 صفحه : 305