نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 9 صفحه : 286
يصح أن يعاتب هاهنا عتابا جديا بأنه لم لم يكف عن الإذن ولم يستعلم حالهم
حتى يتبين له نفاقهم ويميز المنافقين من المؤمنين ، فليس المراد بالعتاب إلا ما
ذكرناه.
ومما تقدم يظهر
فساد قول من قال : إن الآية تدل على صدور الذنب عنه صلىاللهعليهوآله لأن العفو لا يتحقق من غير ذنب ، وإن الإذن كان قبيحا
منه صلىاللهعليهوآله ومن صغائر الذنوب لأنه لا يقال في المباح لم فعلته؟
انتهى.
وهذا من لعبهم
بكلام الله سبحانه ، ولو اعترض معترض على ما يهجون به في مثل المقام الذي سيقت
الآية فيه لم يرضوا بذلك ، وقد أوضحنا أن الآية مسوقة لغرض غير غرض الجد في
العتاب.
على أن قولهم :
إن المباح لا يقال فيه : لم فعلت؟ فاسد فإن من الجائز إذا شوهد من رجح غير الأولى
على الأولى أن يقال له : لم فعلت ذلك ورجحته على ما هو أولى منه؟ على أنك قد عرفت
أن الآية غير مسوقة لعتاب جدي.
ونظيره ما ذكره
بعض آخر حيث قال : إن بعض المفسرين ولا سيما الزمخشري قد أساءوا الأدب في التعبير
عن عفو الله تعالى عن رسوله صلىاللهعليهوآله في هذه الآية ، وكان يجب أن يتعلموا أعلى الأدب معه صلىاللهعليهوآله إذ أخبره ربه ومؤدبه بالعفو قبل الذنب ، وهو منتهى
التكريم واللطف.
وبالغ آخرون كالرازي
في الطرف الآخر فأرادوا أن يثبتوا أن العفو لا يدل على الذنب ، وغايته أن الإذن
الذي عاتبه الله عليه هو خلاف الأولى.
وهو جمود مع
الاصطلاحات المحدثة والعرف الخاص في معنى الذنب وهو المعصية ، وما كان ينبغي لهم
أن يهربوا من إثبات ما أثبته الله في كتابه تمسكا باصطلاحاتهم وعرفهم المخالف له
والمدلول اللغة أيضا.
فالذنب في اللغة كل عمل يستتبع ضررا أو فوت منفعة أو مصلحة ،
مأخوذ من ذنب الدابة ، وليس مرادفا للمعصية بل أعم منها. والإذن المعفو عنه قد
استتبع فوت المصلحة المنصوصة في الآية وهي تبين الذين صدقوا والعلم بالكاذبين ،
وقد قال تعالى : « إِنَّا
فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ
وَما تَأَخَّرَ » الآية : الفتح : ـ ٢.
ثم ذكر في كلام
له طويل أن ذلك كان اجتهادا منه صلىاللهعليهوآله فيما لا وحي فيه من
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 9 صفحه : 286