تعرض للمنافقين
وفيه بيان لجمل أوصافهم وعلائمهم ، وشرح ما لقي الإسلام والمسلمون من كيدهم ومكرهم
وما قاسوه من المصائب من جهة نفاقهم ، وفي مقدمها عتاب المؤمنين في تثاقلهم عن
الجهاد ، وحديث خروج النبي صلىاللهعليهوآله من مكة وذكر الغار.
قوله
تعالى : « يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ
اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ » الآية ( اثَّاقَلْتُمْ ) أصله تثاقلتم على وزان اداركوا وغيره ، وكأنه أشرب معنى
الميل ونحوه فعدي بإلى وقيل : اثاقلتم إلى الأرض أي ملتم إلى الأرض متثاقلين أو
تثاقلتم مائلين إلى الأرض والمراد بالنفر في سبيل الله الخروج إلى الجهاد.
وقوله : « أَرَضِيتُمْ
بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ » كان الرضا أشرب معنى القناعة فعدي بمن كما يقال : رضيت
من المال بطيبه ، ورضيت من القوم بخلة فلان ، وعلى هذا ففي الكلام نوع من العناية
المجازية كأن الحياة الدنيا نوع حقير من الحياة الآخرة قنعوا بها منها ، ويشعر
بذلك قوله بعده : «
فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ».
فمعنى الآية :
يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قال لكم النبي صلىاللهعليهوآله ـ لم يصرح باسمه صونا وتعظيما ـ اخرجوا إلى الجهاد أبطأتم كأنكم لا تريدون
الخروج أقنعتم بالحياة الدنيا راضين بها من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا بالنسبة
إلى الحياة الآخرة إلا قليل.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 9 صفحه : 278