responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 9  صفحه : 248

أما إيضاح قوله تعالى : « وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ » بقوله : « إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ » فهو إيضاح بأوضح المصاديق وأهمها تأثيرا في إفساد المجتمع الإنساني الصالح ، وإبطال غرض الدين.

فالقرآن الكريم يعد لأهل الكتاب وخاصة لليهود جرائم وآثاما كثيرة مفصلة في سورة البقرة والنساء والمائدة وغيرها لكن الجرائم والتعديات المالية شأنها غير شأن غيرها ، وخاصة في هذا المقام الذي تعلق الغرض بإفساد أهل الكتاب المجتمع الإنساني الصالح لو كانوا مبسوطي اليد واستقلالهم الحيوي قائما على ساق ، ولا مفسد للمجتمع مثل التعدي المالي.

فإن أهم ما يقوم به المجتمع الإنساني على أساسه هو الجهة المالية التي جعل الله لهم قياما فجل المآثم والمساوي والجنايات والتعديات والمظالم تنتهي بالتحليل إما إلى فقر مفرط يدعو إلى اختلاس أموال الناس بالسرقة وقطع الطرق وقتل النفوس والبخس في الكيل والوزن والغصب وسائر التعديات المالية ، وإما إلى غنى مفرط يدعو إلى الإتراف والإسراف في المأكل والمشرب والملبس والمنكح والمسكن ، والاسترسال في الشهوات وهتك الحرمات ، وبسط التسلط على أموال الناس وأعراضهم ونفوسهم.

وتنتهي جميع المفاسد الناشئة من الطريقين كليهما بالتحليل إلى ما يعرض من الاختلال على النظام الحاكم في حيازة الأموال واقتناء الثروة ، والأحكام المشرعة لتعديل الجهات المملكة المميزة لأكل المال بالحق من أكله بالباطل ، فإذا اختل ذلك وأذعنت النفوس بإمكان القبض على ما تحتها من المال ، وتتوق إليه من الثروة بأي طريق أمكن لقن ذلك إياها أن يظفر بالمال ويقبض على الثروة بأي طريق ممكن حق أو باطل ، وأن يسعى إلى كل مشتهى من مشتهيات النفس مشروع أو غير مشروع أدى إلى ما أدى ، وعند ذلك يقوم البلوى بفشو الفساد وشيوع الانحطاط الأخلاقي في المجتمع ، وانقلاب المحيط الإنساني إلى محيط حيواني ردي لا هم فيه إلا البطن وما دونه ولا يملك فيه إرادة أحد بسياسة أو تربية ولا تفقه فيه لحكمة ولا إصغاء إلى موعظة.

ولعل هذا هو السبب الموجب لاختصاص أكل المال بالباطل بالذكر ، وخاصة من الأحبار والرهبان الذين إليهم تربية الأمة وإصلاح المجتمع.

وقد عد بعضهم من أكلهم أموال الناس بالباطل ما يقدمه الناس إليهم من المال

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 9  صفحه : 248
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست