نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 9 صفحه : 222
ولم يقيد سبحانه
النهي عن تولية الأدبار بأنه يجب أن يكون عن جبن أو لغرض الخذلان ، ولا أستثني من
حكم التحريم كون الفرار عن اضطراب مفاجئ ، ولا أورد في استثنائه إلا ما ذكره بقوله
: « إِلَّا
مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ » وليس هذان المستثنيان في الحقيقة من الفرار من الزحف.
ولم يورد تعالى
أيضا فيما حكي من عهدهم شيئا من الاستثناء إذ قال : « وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا
يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً » الأحزاب : ـ ١٥.
وأما استشهاده
على ذلك بأن الاضطراب كان مشتركا بينهم وبين النبي صلىاللهعليهوآله ، واستدلاله على ذلك بقوله تعالى : « ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ
سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ » حيث إن نزول السكينة بعد انكشافهم بزمان ـ على ما تدل
عليه كلمة ثم ـ يلازم نزول الاضطراب عند ذلك على النبي صلىاللهعليهوآله وإن كان عن حزن وأسف إذ لا يتصور في حقه صلىاللهعليهوآله التزلزل في ثباته وشجاعته.
فلننظر فيما
اعتبره للنبي صلىاللهعليهوآله من الحزن والأسف هل كان ذلك حزنا وأسفا على ما وقع من
الأمر من انهزام المسلمين وما ابتلاهم الله به من الفتنة والمحنة جزاء لما أعجبوا
من كثرة عددهم ، وبالجملة حزنا مكروها عند الله؟ فقد نزهه الله عن ذلك وأدبه بما
نزل عليه من كتابه وعلمه من علمه ، وقد أنزل عليه مثل قوله عز من قائل : « لَيْسَ لَكَ مِنَ
الْأَمْرِ شَيْءٌ » آل عمران : ـ ١٢٨ ، وقال : « سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى » الأعلى : ـ ٦.
ولم يرد في شيء
من روايات القصة أنه صلىاللهعليهوآله زال عن مكانه يومئذ أو اضطرب اضطرابا مما نزل على
المسلمين من الوهن والانهزام.
وإن كان ذلك
حزنا وأسفا على المسلمين لما أصابهم من ناحية خطئهم في الاعتماد بغير الله والركون
إلى سراب الأسباب الظاهرة ، والذهول عن الاعتصام بالله سبحانه حتى أوقعهم في خطيئة
الفرار من الزحف لما كان هو صلىاللهعليهوآله عليه من الرأفة والرحمة بالمؤمنين فهذا أمر يحبه الله
سبحانه وقد مدح رسوله صلىاللهعليهوآله به إذ قال : « بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ » التوبة : ـ ١٢٨.
وليس يزول مثل
هذا الأسف والحزن بنزول السكينة عليه ، ولا أن السكينة لو فرض نزولها لأجله مما
حدث بعد وقوع الانهزام حتى يكون النبي صلىاللهعليهوآله خاليا عنها
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 9 صفحه : 222