responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 9  صفحه : 220

لا أثر فيها إلا ما شاء الله الذي إليه تسبيب الأسباب.

وبالنظر إلى هذا المعنى أردف قوله : « إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ » بقوله : « فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً » أي اتخذتموها سببا مستقلا دون الله فأنساكم الاعتماد بالله ، وركنتم إليها فبان لكم ما في وسع هذا السبب الموهوم وهو أن لا غنى عنده حتى يغنيكم فلم يغن عنكم شيئا لا نصرا ولا شيئا آخر.

وقوله : « وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ » أي مع ما رحبت ، وهو كناية عن إحاطة العدو بهم إحاطة لا يجدون مع ذلك مأمنا من الأرض يستقرون فيه ولا كهفا يأوون إليه فيقيهم من العدو ، أي فررتم فرارا لا تلوون على شيء.

فهو قريب المعنى من قوله تعالى في قصة الأحزاب : « إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا » الأحزاب : ـ ١٠.

وقول بعضهم : أي ضاقت عليكم الأرض فلم تجدوا موضعا تفرون إليه. غير سديد.

وقوله : « ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ » أي جعلتم العدو يلي أدباركم وهو كناية عن الانهزام وهذا هو الفرار من الزحف ساقهم إليه اطمئنانهم بكثرتهم والانقطاع من ربهم ، قال تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ ـ إلى أن قال ـ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ » الأنفال : ـ ١٦ وقال : « وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً » الأحزاب : ـ ١٥.

فهذا كله أعني ضيق الأرض عليهم بما رحبت ثم انهزامهم وفرارهم من الزحف على ما فيه من كبير الإثم ، ووقوفهم هذا الموقف الذي يستتبع العتاب من ربهم إنما ساقهم إليه اعتمادهم واطمئنانهم إلى هذه الأسباب السرابية التي لا تغني عنهم شيئا.

والله سبحانه بسعة رحمته وعظم منه امتن عليهم بنصره وإنزال سكينته وإنزال جنود لم يروها ، وتعذيب الكافرين ووعد مجمل بمغفرته وعدا ليس بالمقطوع وجوده حتى تبطل به صفة الخوف من قلوبهم ، ولا بالمقطوع عدمه حتى تزول صفة الرجاء من نفوسهم بل وعدا يحفظ فيهم الاعتدال والتوسط بين صفتي الخوف

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 9  صفحه : 220
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست