نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 9 صفحه : 22
يأخذكم نعاس ولا نوم ، وينزل عليكم المطر ليطهركم به ويذهب عنكم وسوسة
الشيطان وليربط على قلوبكم ويشد عليها ـ وهو كناية عن التشجيع ـ وليثبت بالمطر
أقدامكم في الحرب بتلبد الرمل أو بثبات القلوب.
والآية تؤيد ما
ورد أن المسلمين سبقهم المشركون إلى الماء فنزلوا على كثيب رمل ، وأصبحوا محدثين
ومجنبين ، وأصابهم الضمأ ، ووسوس إليهم الشيطان فقال : إن عدوكم قد سبقكم إلى
الماء ، وأنتم تصلون مع الجنابة والحدث وتسوخ أقدامكم في الرمل فأمطر عليهم الله
حتى اغتسلوا به من الجنابة ، وتطهروا به من الحدث ، وتلبدت به أرضهم ، وأوحلت أرض
عدوهم.
قوله
تعالى : « إِذْ يُوحِي رَبُّكَ
إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي
قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ » إلى آخر الآية حال الظرف في أول الآية كحال الظرف في
قوله : « إِذْ
تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ » وقوله : «
إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ » ومعنى الآية ظاهر.
وأما قوله : « فَاضْرِبُوا فَوْقَ
الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ » فالظاهر أن يكون المراد بفوق الأعناق الرءوس وبكل بنان
جميع الأطراف من اليدين والرجلين أو أصابع الأيدي لئلا يطيقوا حمل السلاح بها والقبض
عليه.
ومن الجائز أن
يكون الخطاب بقوله : «
فَاضْرِبُوا » إلخ للملائكة كما هو المتسابق إلى الذهن ، والمراد بضرب فوق الأعناق وكل
بنان ظاهر معناه ، أو الكناية عن إذلالهم وإبطال قوة الإمساك من أيديهم بالإرعاب ،
وأن يكون الخطاب للمؤمنين والمراد به تشجيعهم على عدوهم بتثبيت أقدامهم والربط على
قلوبهم ، وحثهم وإغراؤهم بالمشركين.
قوله
تعالى : « ذلِكَ بِأَنَّهُمْ
شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ
شَدِيدُ الْعِقابِ » المشاقة المخالفة وأصله الشق بمعنى البعض كأن المخالف يميل إلى
شق غير شق من يخالفه ، والمعنى أن هذا العقاب للمشركين بما أوقع الله بهم ، لأنهم
خالفوا الله ورسوله وألحوا وأصروا على ذلك ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد
العقاب.
قوله
تعالى : « ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ
وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ » خطاب تشديدي للكفار يشير إلى ما نزل بهم من الخزي
ويأمرهم بأن يذوقوه ، ويذكر لهم أن وراء ذلك عذاب النار.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 9 صفحه : 22