نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 9 صفحه : 208
قلوبهم مائلة إلى الاشتغال بما لا ينفع معه النهي عن تولي آبائهم وإخوانهم
الكافرين ، وإيجاد الداعي في نفوسهم إلى الصدور عن أمر الله ورسوله ، وقتال
الكافرين جهادا في سبيل الله وإن كانوا آباءهم وإخوانهم.
والذي يمنعهم
من ذلك هو الحب المتعلق بغير الله ورسوله والجهاد في سبيل الله ، وقد عد الله
سبحانه أصول ما يتعلق به الحب النفساني من زينة الحياة الدنيا ، وهي الآباء
والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة ـ وهؤلاء هم الذين يجمعهم المجتمع الطبيعي
بقرابة نسبية قريبة أو بعيدة أو سببية ـ والأموال التي اكتسبوها وجمعوها ،
والتجارة التي يخشون كسادها والمساكن التي يرضونها ـ وهذه أصول ما يقوم به المجتمع
في المرتبة الثانية ـ.
وذكر تعالى
أنهم إن تولوا أعداء الدين ، وقدموا حكم هؤلاء الأمور على حب الله ورسوله والجهاد
في سبيله فليتربصوا ولينتظروا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين.
ومن المعلوم أن
الشرط أعني قوله : «
إِنْ كانَ آباؤُكُمْ » إلى قوله : «
فِي سَبِيلِهِ » في معنى أن يقال : إن لم تنتهوا عما ينهاكم عنه من اتخاذ الآباء والإخوان
الكافرين أولياء باتخاذكم سببا يؤدي إلى خلاف ما يدعوكم إليه ، وإهمالكم في أمر
غرض الدين وهو الجهاد في سبيل الله.
فقوله في
الجزاء : «
فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ » لا محالة إما أمر يتدارك به ما عرض على الدين من ثلمة
وسقوط غرض في ظرف مخالفتهم ، وإما عذاب يأتيهم عن مخالفة أمر الله ورسوله والإعراض
عن الجهاد في سبيله.
غير أن قوله
تعالى في ذيل الآية : «
وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ » يعرض لهم أنهم خارجون حينئذ عن زي العبودية ، فاسقون
عن أمر الله ورسوله فهم بمعزل من أن يهديهم الله بأعمالهم ويوفقهم لنصرة الله
ورسوله ، وإعلاء كلمة الدين وإمحاء آثار الشرك.
فذيل الآية
يهدي إلى أن المراد بهذا الأمر الذي يأمرهم الله أن يتربصوا له حتى يأتي به أمر
منه تعالى ، متعلق بنصرة دينه وإعلاء كلمته فينطبق على مثل قوله تعالى
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 9 صفحه : 208