نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 9 صفحه : 198
الكافر للمؤمن بلاء حسن للمؤمن يستوجب به أجرا حسنا عند الله ، وعلى هذا
القياس.
على أن الذي
ذهب إليه المعتزلة يوقعهم فيما وقعت فيه الأشاعرة وهو انسداد طريق إثبات الصانع
عليهم فإنه لو جاز أن يوجد في العالم حادث من الحوادث عن سبب له وينقطع عما وراء
سببه ذلك انقطاعا تاما لا تأثير له فيه جاز في كل ما فرض من الحوادث أن يستند إلى
ما يليه من غير أن يرتبط بشيء آخر وراءه ، ومن الجائز أن يفنى الفاعل ويبقى أثره
فمن الجائز أن يستند كل ما فرض معلولا إلى فاعل له غير واجب الوجود ومن الجائز أن
يستند كل عالم مفروض إلى عالم قبله هو فاعله وقد فنى قبله على ما هو المشهود من
حوادث هذا العالم المولد بعضها بعضا : والمتولد بعضها من بعض ، ولا يلزم محذور
التسلسل لعدم تحقق سلسلة ذات أجزاء في وقت من الأوقات إلا في الذهن.
وفي كلامهم
مفاسد كثيرة أخرى مبينة في المحل المربوط به ، وقد تقدم في الكلام على نسبة الخلق
إليه تعالى في الجزء السابع من الكتاب ما ينفع في هذا المقام.
وكيف يسع لمسلم
موحد أن يثبت مع الله سبحانه خالقا آخر بحقيقة معنى الخلق والإيجاد وقد قال الله
سبحانه : « ذلِكُمُ
اللهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ » : المؤمن : ـ ٦٢ وقد كرر ذلك في كلامه ، وليس في تجاهه
إلا نسبة أفعال الإنسان إليه من غير قطع رابطتها إليه تعالى بل مع إثبات النسبة
بدليل آيات القدر ودلالة العقل على أن لفعل الفاعل نسبة إلى فاعل فاعله بحسب ما
يليق بساحته.
فالحق أن
للأفعال الإنسانية نسبة إلى فواعلها بالمباشرة ، ونسبة إليه تعالى بما يليق بساحة
قدسه ، قال تعالى : « كُلًّا
نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ
مَحْظُوراً » إسراء : ـ ٢٠.