responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 9  صفحه : 154

وإن أبرأ الله منه الذمة وأهدر دمه ورفع الحرمة عن كل ما يعود إليه من مال وعرض لكنه تعالى إنما فعل به ذلك ليحيي حق ويبطل باطل فإذا رجي منه الخير منع ذلك من أي قصد سيئ يقصد به حتى يحصل اليأس من هدايته وإنجائه.

فإذا استجار المشرك لينظر فيما تندب إليه الدعوة الحقة ويتبعها إن اتضحت له كان من الواجب إجارته حتى يسمع كلام الله ويرتفع عنه غشاوة الجهل وتتم عليه الحجة فإذا تمادى بعد ذلك في ضلاله وأصر في استكباره صار ممن ارتفع عنه الأمان وبرئت منه الذمة ووجب تطييب الأرض من قذارة وجوده بأية وسيلة أمكنت وأي طريق كان أقرب وأسهل وهذا هو الذي يفيده قوله تعالى : « وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ » الآية بما يكتنف به من الآيات.

فمعنى الآية : إن طلب منك بعض هؤلاء المشركين الذين رفع عنهم الأمان أن تأمنه في جوارك ليحضر عندك ويكلمك فيما تدعو إليه من الحق الذي يتضمنه كلام الله فأجره حتى يسمع كلام الله ويرتفع عنه غشاوة الجهل ثم أبلغه مأمنه حتى يملك منك أمنا تاما كاملا ، وإنما شرع الله هذا الحكم وبذل لهم هذا الأمن التام لأنهم قوم جاهلون ولا بأس على جاهل إذا رجي منه الخير بقبول الحق لو وضح له.

وهذا غاية ما يمكن مراعاته من أصول الفضيلة وحفظ الكرامة ونشر الرحمة والرأفة وشرافة الإنسانية اعتبره القرآن الكريم ، وندب إليه الدين القويم.

وقد بان بما قدمناه أولا : أن الآية مخصصة لعموم قوله في الآية السابقة : « فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ... ».

وثانيا : أن قوله : « حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ » غاية للاستجارة والإجارة فيتغيا به الحكم ، فالاستئمان إنما كان لسمع كلام الله واستفسار ما عند الرسول من مواد الرسالة فيتقدر الأمان الذي يعطاه المستجير المستأمن بقدره فإذا سمع من كلام الله ما يتبين به الرشد من الغي ويتميز به الهدى من الضلال انتهت مدة الاستجارة وحان أن يرد المستجير إلى مأمنه والمكان الخاص به الذي هو في أمن فيه ، لا يهدده فيه سيوف المسلمين ليرجع إلى حاله الذي فارقه ، ويختار لنفسه ما يشاء على حرية من المشية والإرادة.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 9  صفحه : 154
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست