وبما تقدم يظهر
أن تفسير بعضهم ما في الآية من الدرجات بدرجات الجنة ، ليس على ما ينبغي ، وإن
المتعين كون المراد بها درجات القرب ؛ كما تقدم وإن كان كل منهما يلازم الآخر.
قوله
تعالى : « كَما أَخْرَجَكَ
رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
لَكارِهُونَ » إلى آخر الآيتين. ظاهر السياق أن قوله : « كَما أَخْرَجَكَ » متعلق بما يدل عليه قوله تعالى : « قُلِ الْأَنْفالُ
لِلَّهِ وَالرَّسُولِ » والتقدير : إن الله حكم بكون الأنفال له ولرسوله بالحق مع كراهتهم له ،
كما أخرجك من بيتك بالحق مع كراهة فريق منهم له ، فللجميع حق يترتب عليه من مصلحة
دينهم ودنياهم ما هم غافلون عنه.
وقيل : إنه
متعلق بقوله : «
يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِ » وقيل : إن العامل فيه معنى الحق والتقدير : هذا الذكر من الحق كما أخرجك
ربك من بيتك بالحق. والمعنيان ـ كما ترى ـ بعيدان عن سياق الآية.
والمراد بالحق ما يقابل الباطل ، وهو الأمر الثابت الذي يترتب عليه
آثاره الواقعية المطلوبة ، وكون الفعل ـ وهو الإخراج ـ بالحق هو أن يكون هو
المتعين الواجب بحسب الواقع ، وقيل : المراد به الوحي ، وقيل : المراد به الجهاد ،
وقيل غير ذلك ، وهي معان بعيدة.
والأصل في معنى
الجدل شدة الفتل : يقال : زمان جديل أي شديد الفتل ، وسمي الجدال جدالا لأنه فيه
نزاعا بالفتل عن مذهب إلى مذهب كما ذكره في المجمع.
ومعنى الآيتين
: أن الله تعالى حكم في أمر الأنفال بالحق مع كراهتهم لحكمه كما أخرجك من بيتك
بالمدينة إخراجا يصاحب الحق ، والحال أن فريقا من المؤمنين
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 9 صفحه : 13