نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 9 صفحه : 11
هذا ما يفيده
التأمل في كرائم الآيات ، وللمفسرين فيها أقاويل مختلفة تعلم بالرجوع إلى مطولات
التفاسير لا جدوى في نقلها والتعرض المنقض والإبرام فيها.
قوله
تعالى : « إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ » إلى آخر الآيتين الآيتان والتي بعدهما بيان ما يتميز
به المؤمنون بحقيقة الإيمان ويختصون به من الأوصاف الكريمة والثواب الجزيل بينت
ليتأكد به ما يشتمل عليه قوله تعالى : « فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ
» إلى آخر
الآية.
وقد ذكر الله
تعالى لهم خمس صفات اختارها من بين جميع صفاتهم التي ذكرها في كلامه لكونها
مستلزمة لكرائم صفاتهم على كثرتها وملازمة لحق الإيمان ، وهي بحيث إذا تنبهوا لها
وتأملوها كان ذلك مما يسهل لهم توطين النفس على التقوى وإصلاح ذات بينهم ، وإطاعة
الله ورسوله.
وهاتيك الصفات
الخمس هي : وجل القلب عند ذكر الله ، وزيادة الإيمان عند استماع آيات الله ،
والتوكل ، وإقامة الصلاة ، والإنفاق مما رزقهم الله ، ومعلوم أن الصفات الثلاث
الأول من أعمال القلوب ، والأخيرتان من أعمال الجوارح.
وقد روعي في
ذكرها الترتيب الذي بينها بحسب الطبع ، فإن نور الإيمان إنما يشرق على القلب
تدريجا ، فلا يزال يشتد ويضاعف حتى يتم ويكمل بحقيقته ، فأول ما يشرق يتأثر القلب
بالوجل والخشية إذا تذكر بالله عند ذكره ، وهو قوله تعالى : « إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ».
ثم لا يزال
ينبسط الإيمان ويتعرق وينمو ويتفرع بالسير في الآيات الدالة عليه تعالى ، والهادية
إلى المعارف الحقة ، فكلما تأمل المؤمن في شيء منها زادته إيمانا ، فيقوى الإيمان
ويشتد حتى يستقر في مرحلة اليقين ، وهو قوله تعالى : « وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ
زادَتْهُمْ إِيماناً ».
وإذا زاد
الإيمان وكمل كمالا عرف عندئذ مقام ربه وموقع نفسه ، معرفة تطابق واقع الأمر ، وهو
أن الأمر كله إلى الله سبحانه فإنه تعالى وحده هو الرب الذي إليه يرجع كل شيء ،
فالواجب الحق على الإنسان أن يتوكل عليه ويتبع ما يريده منه بأخذه وكيلا في جميع
ما يهمه في حياته ، فيرضى بما يقدر له في مسير الحياة ،
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 9 صفحه : 11