responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 54

فهذان قسمان من العلوم ، والفرق بين القسمين : أن القسم الأول مأخوذ من نفس الخارج يطابقه حقيقة ، وهو معنى كونه صدقا ويطابقه الخارج وهو معنى كونه حقا فالذي في الذهن هو بعينه الذي في الخارج وبالعكس : وأما القسم الثاني فإن موطنه هو الذهن من غير أن ينطبق على خارجه إلا أنا لمصلحة من المصالح الحيوية نعتبره ونتوهمه خارجيا منطبقا عليه دعوى وإن لم ينطبق حقيقته.

فكون زيد رئيسا لغرض الاجتماع ككونه أسدا بالتشبيه والاستعارة لغرض التخيل الشعري ، وتوصيفنا في مجتمعنا زيدا بأنه رأس في الخارج كتوصيف الشاعر زيدا بأنه أسد خارجي ، وعلى هذا القياس جميع المعاني الاعتبارية من تصور أو تصديق وهذه المعاني الاعتبارية وإن كانت من عمل الذهن من غير أن تكون مأخوذة من الخارج فتعتمد عليه بالانطباق إلا أنها معتمدة على الخارج من جهة أخرى وذلك أن نقص الإنسان مثلا وحاجته إلى كماله الوجودي ونيله غاية النوع الإنساني هو الذي اضطره إلى اعتباره هذه المعاني تصورا وتصديقا فإبقاء الوجود والمقاصد الحقيقية المادية أو الروحية التي يقصدها الإنسان ويبتغيها في حياته هي التي توجب له أن يعتبر هذه المعاني ثم يبني عليها أعماله فيحرز بها لنفسه ما يريده من السعادة.

ولذلك تختلف هذه الأحكام بحسب اختلاف المقاصد الاجتماعية فهناك أعمال وأمور كثيرة تستحسنها المجتمعات القطبية مثلا وهي بعينها مستقبحة في المجتمعات الاستوائية ، وكذلك الاختلافات الموجودة بين الشرقيين والغربيين وبين الحاضرين والبادين ، وربما يحسن عند العامة من أهل مجتمع واحد ما يقبح عند الخاصة ، وكذلك اختلاف النظر بين الغني والفقير ، وبين المولى والعبد ، وبين الرئيس والمرءوس ، وبين الكبير والصغير ، وبين الرجل والمرأة.

نعم هناك أمور اعتبارية وأحكام وضعية لا تختلف فيها المجتمعات وهي المعاني التي تعتمد على مقاصد حقيقية عامة لا تختلف فيها المجتمعات كوجوب الاجتماع نفسه ، وحسن العدل ، وقبح الظلم ، فقد تحصل أن للقسم الثاني من علومنا أيضا اعتمادا على الخارج وإن كان غير منطبق عليه مستقيما انطباق القسم الأول.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 54
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست