نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 8 صفحه : 382
قوله
تعالى : « وَإِذا لَمْ
تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها » إلى آخر الآية. الاجتباء افتعال من الجباية ، وقولهم : « لَوْ لا
اجْتَبَيْتَها » كلام منهم جار مجرى التهكم والسخرية والمعنى على ما
يعطيه السياق : أنك إذا أتيتهم بآية كذبوا بها وإذا لم تأتهم بآية كما لو أبطأت
فيها قالوا : لو لا اجتبيت ما تسميه آية وجمعتها من هنا وهناك فأتيت بها « قُلْ » ليس لي من الأمر شيء
و « إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ
رَبِّي هذا » القرآن « بَصائِرُ مِنْ
رَبِّكُمْ » يريد أن يبصركم بها « وَهُدىً وَرَحْمَةٌ
لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ».
قوله
تعالى : « وَإِذا قُرِئَ
الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ » الإنصات السكوت مع استماع ، وقيل : هو الاستماع مع سكوت يقال :
أنصت الحديث وأنصت له أي استمع ساكتا ، وأنصته غيره وأنصت الرجل أي سكت ، فالمعنى
: استمعوا للقرآن واسكتوا.
والآية بحسب
دلالتها عامة وإن قيل : إنها نزلت في الصلاة جماعة.
قوله
تعالى : « وَاذْكُرْ رَبَّكَ
فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ » إلى آخر الآية. قسم الذكر إلى ما في النفس ودون الجهر
من القول : ثم أمر بالقسمين ، وأما الجهر من القول في الذكر فمضرب عنه لا لأنه ليس
ذكرا بل لمنافاته لأدب العبودية ويدل على ذلك ما ورد : أن النبي صلىاللهعليهوآله سار بأصحابه في بعض غزواته ـ فدخلوا واديا موحشا والليل
داج ـ فكان ينادي بعض أصحابه بالتكبير ـ فنهاه النبي صلىاللهعليهوآله وقال : إنكم لا تدعون غائبا بعيدا [١].
والتضرع
من الضراعة وهو التملق
بنوع من الخشوع والخضوع ، والخيفة بناء نوع من الخوف ، والمراد به نوع من الخوف يناسب ساحة
قدسه تعالى ففي التضرع معنى الميل إلى المتضرع إليه والرغبة فيه والتقرب منه ، وفي
الخيفة معنى اتقائه والرهبة والتبعد عنه ، فمقتضى توصيف الذكر بكونه عن تضرع وخيفة
أن يكون بحركة باطنية إليه ومنه كالذي يحب شيئا ويهابه فيدنو منه لحبه ويتبعد عنه
لمهابته ، والله سبحانه وإن كان محض الخير لا شر فيه ، وإنما الشر الذي يمسنا هو
من قبلنا لكنه تعالى ذو الجلال والإكرام له أسماء الجمال التي تدعوا إليه وتجذب
نحوه كل شيء