نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 8 صفحه : 380
للنواميس الحافظة للاجتماع ، ويمنع عنه جميع الآيات الناهية عن الظلم
والإفساد وإعانة الظالمين والركون إليهم بل جميع الآيات المعطية لأصول الشرائع
والقوانين ، وهو ظاهر.
فالمراد بقوله
: « خُذِ الْعَفْوَ » هو الستر بالعفو فيما يرجع إلى شخصه صلىاللهعليهوآله ، وعلى ذلك كان يسير فقد تقدم في بعض الروايات المتقدمة
في أدبه صلىاللهعليهوآله : [١] أنه لم ينتقم من أحد لنفسه قط.
هذا على ما
ذكره القوم أن المراد بالعفو ما يسارق المغفرة ، وفي بعض الروايات الآتية عن الصادق
عليهالسلام أن المراد به الوسط وهو أنسب بالآية وأجمع للمعنى من
غير شائبة التكرار الذي يلزم من قوله : « وَأَعْرِضْ عَنِ
الْجاهِلِينَ » على التفسير الأول.
وقوله : « وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ
» والعرف هو ما يعرفه عقلاء المجتمع من السنن والسير الجميلة
الجارية بينهم بخلاف ما ينكره المجتمع وينكره العقل الاجتماعي من الأعمال النادرة
الشاذة ، ومن المعلوم أن لازم الأمر بمتابعة العرف أن يكون نفس الآمر مؤتمرا بما
يأمر به من المتابعة ، ومن ذلك أن يكون نفس أمره بنحو معروف غير منكر فمقتضى قوله
: « وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ » أن يأمر بكل معروف ، وأن لا يكون نفس الأمر بالمعروف على وجه منكر.
وقوله : « وَأَعْرِضْ عَنِ
الْجاهِلِينَ » أمر آخر بالمداراة معهم ، وهو أقرب طريق وأجمله لإبطال
نتائج جهلهم وتقليل فساد أعمالهم فإن في مقابلة الجاهل بما يعادل جهله إغراء له
بالجهل والإدامة على الغي والضلال.
قوله
تعالى : « وَإِمَّا
يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ » قال الراغب في المفردات : النزغ دخول في أمر لأجل إفساده ، قال : « مِنْ بَعْدِ أَنْ
نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ». انتهى ، وقيل : هو الإزعاج والإغراء وأكثر ما يكون حال
الغضب ، وقيل : هو من الشيطان أدنى الوسوسة ، والمعاني متقاربة ، وأقربها من الآية
هو الأوسط لمناسبته الآية السابقة الآمرة بالإعراض عن الجاهلين فإن مماستهم
الإنسان بالجهالة نوع مداخلة من الشيطان لإثارة الغضب ، وسوقه إلى جهالة مثله.