responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 375

أن يتعلقا بكل سبب سواه ، ويخضعا لكل شيء دونه مع أنهما كانا قد اشترطا له أن يكونا شاكرين له غير كافرين لنعمته وربوبيته فنقضا عهدهما وشرطهما.

وهكذا عامة الإنسان إلا من رحمة الله مهتمون بنقض مواثيقهم وخلف وعدهم ، وعدم الوفاء بعهدهم مع الله « فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ».

والقصة ـ كما ترى ـ يمكن أن يراد بها بيان حال الأبوين من نوع الإنسان في استيلادهما الولد بالاعتبار العام النوعي فإن كل إنسان فإنه مولود أبويه فالكثرة الإنسانية نتيجة أبوين يولدان ولدا كما في قوله تعالى : « يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ » : الحجرات : ١٣.

والغالب على حال الأبوين وهما يحبان ولدهما ويشفقان عليه أن ينقطعا طبعا إلى الله في أمر ولدهما وإن لم يلتفتا إلى تفصيل انقطاعهما كما ينقطع راكب البحر إلى الله سبحانه إذا تلاطمت وأخذت أمواجها تلعب به ينقطع إلى ربه وإن لم يعبد ربا قط فإنما هو حال قلبي يضطر الإنسان إليه.

فللأبوين انقطاع إلى ربهما في أمر ولدهما لئن آتيتنا صالحا نرضاه لنكونن من الشاكرين فلما استجاب لهما وآتاهما صالحا جعلا له شركاء وتشبثا في حفظه وتربيته بكل سبب ، ولاذا إلى كل كهف.

ويؤيد هذا الوجه قوله في ذيل الآية : « فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ » فإن المراد بالنفس وزوجها في صدر الكلام لو كان شخصين من الإنسان بعينهما كآدم وحواء مثلا كان من حق الكلام أن يقال : فتعالى الله عن شركهما أو عما أشركا.

على أنه تعالى يعقب هذه الآية بآيات أخر يذم فيها الشرك ويوبخ المشركين بما ظاهره أنه الشرك بمعنى عبادة غير الله ، وحاشا أن يكون صفي الله آدم يعبد غير الله وقد نص الله سبحانه على أنه اجتباه وهداه ، ونص على أن لا سبيل للضلال على من هداه الله وأي ضلال أضل من عبادة غير الله ، قال تعالى : « ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى » : طه : ١٢٢ ، وقال : « وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ » : إسراء : ٩٧ ، وقال : « وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ » : الأحقاف : ٥ وبذلك يظهر أن الضلال والشرك غير منسوب إلى آدم وإن لم نقل بنبوته أو قلنا بها ولم نقل بعصمة الأنبياء عليهم‌السلام.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 375
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست