الآيات متصلة
بما قبلها ، وهي بمنزلة تجديد البيان لما انتهى إليه الكلام في الآيات السابقة ،
وذلك أن الهدى والضلال يدوران مدار دعوته تعالى بأسمائه الحسنى والإلحاد فيها ،
والناس من منتحلهم وزنديقهم وعالمهم وجاهلهم لا يختلفون بحسب فطرتهم وباطن سريرتهم
في أن هذا العالم المشهود متكئ على حقيقة هي المقومة لأعيان أجزائها الناظمة
نظامها ، وهو الله سبحانه الذي منه يبتدأ كل شيء وإليه يعود كل شيء الذي يفيض على
العالم ما يشاهد فيه من جمال وكمال ، وهي له ومنه.
والناس في هذا
الموقف على ما لهم من الاتفاق على أصل الذات ثلاثة أصناف :صنف يسمونه بما لا يشتمل
من المعنى إلا على ما يليق أن ينسب إلى ساحته من الصفات المبينة للكمال ، أو
النافية لكل نقص وشين ، وصنف يلحدون في أسمائه ، ويعدلون بالصفات الخاصة به إلى
غيره كالماديين والدهريين الذين ينسبون الخلق والإحياء والرزق وغير ذلك إلى المادة
أو الدهر ، وكالوثنيين الناسبين الخير والنفع إلى آلهتهم ، وكبعض أهل الكتاب حيث
يصفون نبيهم أو أولياء دينهم بما يختص به تعالى من الخصائص ، ويلحق بهم طائفة من
المؤمنين حيث يعطون للأسباب الكونية من الاستقلال في التأثير ما لا يليق إلا بالله
سبحانه ، وصنف يؤمنون به تعالى غير أنهم يلحدون في أسمائه فيثبتون له من صفات
النقص والأفعال الدنية ما هو منزه عنه كالاعتقاد بأن له جسما ، وأن له مكانا ، وأن
الحواس المادية يمكن أن تتعلق به على بعض الشرائط ، وأن له علما كعلومنا وإرادة
كإرادتنا وقدرة كمقدراتنا ، وأن لوجوده
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 8 صفحه : 341