responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 320

بقوله : « وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ »: الحجر : ٢١ أن لكل شيء عنده وجودا وسيعا غير مقدر في خزائنه ، وإنما يلحقه الأقدار إذا نزله إلى الدنيا مثلا فللعالم الإنساني على سعته سابق وجود عنده تعالى في خزائنه أنزله إلى هذه النشأة.

وأثبت بقوله : « إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ »: يس ٨٣ وقوله : « وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ »: القمر : ٥٠ وما يشابههما من الآيات أن هذا الوجود التدريجي الذي للأشياء ومنها الإنسان هو أمر من الله يفيضه على الشيء ، ويلقيه إليه بكلمة « كُنْ »إفاضة دفعية وإلقاء غير تدريجي فلوجود هذه الأشياء وجهان وجه إلى الدنيا وحكمه أن يحصل بالخروج من القوة إلى الفعل تدريجا ، ومن العدم إلى الوجود شيئا فشيئا ، ويظهر ناقصا ثم لا يزال يتكامل حتى يفني ويرجع إلى ربه ، ووجه إلى الله سبحانه وهي بحسب هذا الوجه أمور تدريجية وكل ما لها فهو لها في أول وجودها من غير أن تحتمل قوة تسوقها إلى الفعل.

وهذا الوجه غير الوجه السابق وإن كانا وجهين لشيء واحد ، وحكمه غير حكمه وإن كان تصوره التام يحتاج إلى لطف قريحة ، وقد شرحناه في الأبحاث السابقة بعض الشرح وسيجيء إن شاء الله استيفاء الكلام في شرحه.

ومقتضى هذه الآيات أن للعالم الإنساني على ما له من السعة وجودا جميعا عند الله سبحانه ، وهو الذي يلي جهته تعالى ويفيضه على أفراده لا يغيب فيها بعضهم عن بعض ولا يغيبون فيه عن ربهم ولا هو يغيب عنهم ، وكيف يغيب فعل عن فاعله أو ينقطع صنع عن صانعه ، وهذا هو الذي يسميه الله سبحانه بالملكوت ، ويقول : « وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ »: الأنعام ٧٥ ويشير إليه بقوله : « كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ »: التكاثر : ٧.

وأما هذا الوجه الدنيوي الذي نشاهده نحن من العالم الإنساني وهو الذي يفرق بين الآحاد ، ويشتت الأحوال والأعمال بتوزيعها على قطعات الزمان ، وتطبيقها على مر الليالي والأيام ويحجب الإنسان عن ربه بصرف وجهه إلى التمتعات المادية

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 320
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست