responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 310

الإنساني في العلم والحضارة على هذه الوتيرة يرث كل جيل ما تركه الجيل السابق ويزيد عليه بأشياء فيحصل للاحق ما لم يحصل للسابق.

قلت : على أحد التقديرين المذكورين تتم الحجة على الذرية أو على بعضهم الذين أشهدوا. وأما الآباء الذين لم يشهدوا فليس عندهم إلا الغفلة المحضة عن أمر الربوبية فلا يستقلون بشرك إذ لم يشهدوا ، ولا يسع لهم التقليد إذ لم يسبق عليهم فيه سابق كما في صورة العكس فيدخلون تحت المحتجين بالحجة الأولى : « إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ ».

وأما حديث تكامل الإنسان في العلم والحضارة تدريجا فإنما هو في العلوم النظرية الاكتسابية التي هي نتائج وفروع تحصل للإنسان شيئا فشيئا ، وأما شهود الإنسان نفسه وأنه محتاج إلى رب يربه فهو من مواد العلم التي إنما تحصل قبل النتائج ، وهو من العلوم الفطرية التي تنطبع في النفس انطباعا أوليا ثم يتفرع عليها الفروع ، وما هذا شأنه لا يتأخر عن غيره حصولا ، وكيف لا ، ونوع الإنسان إنما يتدرج إلى معارفه وعلومه عن الحس الباطني بالحاجة كما قرر في محله.

فالمتحصل من الآيتين أن الله سبحانه فصل بين بني آدم بأخذ بعضهم من بعض ثم أشهدهم جميعا على أنفسهم وأخذ منهم الميثاق بربوبيته فهم ليسوا بغافلين عن هذا المشهد وما أخذ منهم الميثاق حتى يحتج كلهم بأنهم كانوا غافلين عن ذلك لعدم معرفتهم بالربوبية أو يحتج بعضهم بأنه إنما أشرك وعصى آباؤهم وهم برآء.

ولذلك ذكر عدة من المفسرين أن المراد بهذا الظرف المشار إليه بقوله : « وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ »هو الدنيا ، والآيتان تشيران إلى سنة الخلقة الإلهية الجارية على الإنسان في الدنيا فإن الله سبحانه يخرج الذرية الإنسانية من أصلاب آبائهم إلى أرحام أمهاتهم ومنها إلى الدنيا ، ويشهدهم في خلال حياتهم على أنفسهم ، ويريهم آثار صنعه وآيات وحدانيته ، ووجوه احتياجاتهم المستغرقة لهم من كل جهة الدالة على وجوده ووحدانيته فكأنه يقول لهم عند ذلك : ألست بربكم ، وهم يجيبونه بلسان حالهم : بلى شهدنا بذلك وأنت ربنا لا رب غيرك ، وإنما فعل الله سبحانه ذلك لئلا يحتجوا على الله يوم القيامة بأنهم كانوا غافلين عن المعرفة ، أو يحتج الذرية بأن آباءهم هم الذين أشركوا ،

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 310
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست