responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 307

بهم بعد ما أخذ بعضهم من بعض وفصل بين كل واحد منهم وغيره وهو إشهادهم على أنفسهم ، والإشهاد على الشيء هو إحضار الشاهد عنده وإراءته حقيقته ليتحمله علما تحملا شهوديا فإشهادهم على أنفسهم هو إراءتهم حقيقة أنفسهم ليتحملوا ما أريد تحملهم من أمرها ثم يؤدوا ما تحملوه إذا سئلوا.

وللنفس في كل ذي نفس جهات من التعلق والارتباط بغيرها يمكن أن يستشهد الإنسان على بعضها دون بعض غير أن قوله : « أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ »يوضح ما أشهدوا لأجله وأريد شهادتهم عليه ، وهو أن يشهدوا ربوبيته سبحانه لهم فيؤدوها عند المسألة.

فالإنسان وإن بلغ من الكبر والخيلاء ما بلغ ، وغرته مساعدة الأسباب ما غرته واستهوته لا يسعه أن ينكر أنه لا يملك وجود نفسه ولا يستقل بتدبير أمره ، ولو ملك نفسه لوقاها مما يكرهه من الموت وسائر آلام الحياة ومصائبها ، ولو استقل بتدبير أمره لم يفتقر إلى الخضوع قبال الأسباب الكونية ، والوسائل التي يرى لنفسه أنه يسودها ويحكم فيها ثم هي كالإنسان في الحاجة إلى ما وراءها ، والانقياد إلى حاكم غائب عنها يحكم فيها لها أو عليها ، وليس إلى الإنسان أن يسد خلتها ويرفع حاجتها.

فالحاجة إلى رب ـ مالك مدبر ـ حقيقة الإنسان ، والفقر مكتوب على نفسه ، والضعف مطبوع على ناصيته ، لا يخفى ذلك على إنسان له أدنى الشعور الإنساني ، والعالم والجاهل والصغير والكبير والشريف والوضيع في ذلك سواء.

فالإنسان في أي منزل من منازل الإنسانية نزل يشاهد من نفسه أن له ربا يملكه ويدبر أمره ، وكيف لا يشاهد ربه وهو يشاهد حاجته الذاتية؟ وكيف يتصور وقوع الشعور بالحاجة من غير شعور بالذي يحتاج إليه؟ فقوله : « أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ »بيان ما أشهد عليه ، وقوله : « قالُوا بَلى شَهِدْنا »اعتراف منهم بوقوع الشهادة وما شهدوه ، ولذا قيل : إن الآية تشير إلى ما يشاهده الإنسان في حياته الدنيا أنه محتاج في جميع جهات حياته من وجوده وما يتعلق به وجوده من اللوازم والأحكام ، ومعنى الآية أنا خلقنا بني آدم في الأرض وفرقناهم وميزنا بعضهم من بعض بالتناسل والتوالد ، وأوفقناهم على احتياجهم ومربوبيتهم لنا فاعترفوا بذلك قائلين : بلى شهدنا أنك ربنا.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 307
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست