نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 8 صفحه : 279
الإلهي بذلك ناطق فكيف يمكن أن تقصر الرحمة الإلهية المبسوطة على بني
إسرائيل في جماعة قليلة منهم آمنوا بالنبي صلىاللهعليهوآله؟.
فقوله : « الَّذِينَ
يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَ »الآية وإن كان بيانا لقوله : « وَالَّذِينَ هُمْ
بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ »إلا أنه ليس بيانا مساويا في السعة والضيق لمبينه بل
بيان مستخرج من مبينه انتزع منه ، وخص بالذكر ليستفاد منه فيما هو الغرض من سوق
الكلام ، وهو بيان حقيقة الدعوة المحمدية ، ولزوم إجابتهم لها وتلبيتهم لداعيها.
ولذلك في
القرآن الكريم نظائر من حيث التضييق والتوسعة في البيان كما قال تعالى حاكيا عن
إبليس : « فَبِعِزَّتِكَ
لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ »الآية ثم قال في موضع آخر حاكيا عنه : « لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ
عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ
فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ
اللهِ »: النساء : ١١٩ فإن القول الثاني المحكي عن إبليس مستخرج
من عموم قوله المحكي أولا : « لَأُغْوِيَنَّهُمْ
أَجْمَعِينَ ».
وقال تعالى في
أول هذه السورة : « وَلَقَدْ
خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ
ـ إلى أن قال ـ يا بَنِي آدَمَ إِمَّا
يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ » الآية وقد تقدم أن ذلك من قبيل استخراج الخطاب من
الخطاب لغرض التعميم إلى غير ذلك من النظائر.
فيئول معنى
بيانية قوله : « الَّذِينَ
يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ »إلى استخراج بيان من بيان للتطبيق على مورد الحاجة كأنه
قيل : فإذا كان المكتوب من رحمة الله لبني إسرائيل قد كتب للذين يتقون ويؤتون
الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون فمصداقه اليوم ـ يوم بعث محمد صلىاللهعليهوآله ـ هم الذين يتبعونه من بني إسرائيل لأنهم الذين اتقوا
وآتوا الزكاة وهم الذين آمنوا بآياتنا فإنهم آمنوا بموسى وعيسى ومحمد صلىاللهعليهوآله وهم آياتنا ، وآمنوا بمعجزات هؤلاء الرسل وما نزل عليهم
من الشرائع والأحكام وهي آياتنا ، وآمنوا بما ذكرنا لهم في التوراة والإنجيل من
أمارات نبوة محمد صلىاللهعليهوآله وعلامات ظهوره ودعوته ، وهي آياتنا.
ثم قوله : « الَّذِينَ
يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَ »الآية أخذ فيه « يَتَّبِعُونَ »موضع يؤمنون ، وهو من أحسن التعبير لأن الإيمان بآيات
الله سبحانه كأنبيائه وشرائعهم إنما هو بالتسليم والطاعة فاختير لفظ الاتباع
للدلالة على أن الإيمان بمعنى الاعتقاد المجرد
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 8 صفحه : 279