responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 242

وقوله. « قالَ لَنْ تَرانِي »نفي مؤبد للرؤية ، وإذ أثبت الله سبحانه الرؤية بمعنى العلم الضروري في الآخرة كان تأبيد النفي راجعا إلى تحقق ذلك في الدنيا ما دام للإنسان اشتغال بتدبير بدنه ، وعلاج ما نزل به من أنواع الحوائج الضرورية ، والانقطاع إليه تعالى بتمام معنى الكلمة لا يتم إلا بقطع الرابطة عن كل شيء حتى البدن وتوابعه وهو الموت.

فيئول المعنى إلى أنك لن تقدر على رؤيتي والعلم الضروري بي في الدنيا حتى تلاقيني فتعلم بي علما اضطراريا تريده ، والتعبير في قوله : « لَنْ تَرانِي » بـ « لَنْ »الظاهر في تأبيد النفي لا ينافي ثبوت هذا العلم الضروري في الآخرة فالانتفاء في الدنيا يقبل التأبيد أيضا كما في قوله تعالى : « إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً »: إسراء : ٣٧ ، وقوله : « إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً »: الكهف : ٦٧.

ولو سلم أنه ظاهر في تأبيد النفي للدنيا والآخرة جميعا فإنه لا يأبى التقييد كقوله تعالى : « وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ »: البقرة : ١٢٠ ، فلم لا يجوز أن تكون أمثال قوله تعالى : « وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ »مقيدة لهذه الآية مبينة لمعنى التأبيد المستفاد منها.

والذي ذكرناه من رجوع نفي الرؤية في قوله : « لَنْ تَرانِي »إلى نفي الطاقة والاستطاعة يؤيده قوله بعده : « وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي »فإن فيه تنظير إراءة نفسه لموسى عليه‌السلام بتجليه للجبل ، والمراد أن ظهوري وتجليي للجبل مثل ظهوري لك فإن استقر الجبل مكانه أي بقي على ما هو عليه وهو جبل عظيم في الخلقة قوي في الطاقة فإنك أيضا يرجى أن تطيق تجلي ربك وظهوره.

فقوله : « وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي »ليس باستدلال على استحالة التجلي كيف وقد تجلى له؟ بل إشهاد وتعريف لعدم استطاعته وإطاقته للتجلي وعدم استقراره مكانه أي بطلان وجوده لو وقع التجلي كما بطل الجبل بالدك.

وقد دل عليه قوله : « فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً »وبصيرورة الجبل دكا أي مدكوكا متحولا إلى ذرأت ترابية صغار بطلت هويته وذهبت جبليته وقضى أجله.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 242
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست