responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 218

قوله تعالى : « قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ »إلى آخر الآيات. جواب السحرة وهم القائلون هذا المقال وقد قابلوه بما يبطل به كيده ، وتنقطع به حجته ، وهو أنك تهددنا بالعذاب قبال ما تنقم منا من الإيمان بربنا ظنا منك أن ذلك شر لنا من جهة انقطاع حياتنا به وما نقاسيه من ألم العذاب ، وليس ذلك شرا فإنا نرجع إلى ربنا ، ونحيا عنده بحياة القرب السعيدة ، ولم نجترم إلا ما تعده أنت لنا جرما وهو إيماننا بربنا فما دوننا إلا الخير.

وهذا معنى قوله : « قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ »وهو إيمان منهم بالمعاد « وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا »وعدوا أمر العصا ـ على الظاهر آيات كثيرة لاشتماله على جهات كل منها آية كصيرورتها ثعبانا ، ولقفها حبالهم وعصيهم واحدا بعد واحد ، ورجوعها إلى حالتها الأولى.

والنقم هو الكراهة والبغض يقال : نقم منه كذا ينقم من باب ضرب وعلم : إذا كره وأبغض.

ثم أخذتهم الجذبة الإلهية من غير أن يذعروا مما هددهم به ، واستغاثوا بربهم على ما عزم به من تعذيبهم وقتلهم فسألوه تعالى قائلين : « رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً »ـ على ما يريد أن يوقع بنا من العذاب الشديد ـ « وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ » إن قتلنا.

وفي إطلاق الإفراغ على إعطاء الصبر استعارة بالكناية فشبهوا نفوسهم بالآنية ، والصبر بالماء ، وإعطاءه بإفراغ الإناء بالماء وهو صبه فيه حتى يغمره ، وإنما سألوا ذلك ليفيض الله عليهم من الصبر ما لا يجزعون به عند نزول أي عذاب وألم ينزل بهم.

وقد جاءوا بالعجب العجاب في مشافهتهم هذه مع فرعون وهو الجبار العنيد الذي ينادي « أنا ربكم الأعلى » ويعبده ملك مصر فلم يذعرهم ما شاهدوا من قدرته وسطوته فأعربوا عن حجتهم بقلوب مطمئنة ، ونفوس كريمة ، وعزم راسخ ، وإيمان ثابت ، وعلم عزيز ، وقول بليغ ، وإن تدبرت ما حكاه الله سبحانه من مشافهتهم ومحاورتهم فرعون في موقفهم هذا في هذه السورة وفي سورتي طه والشعراء أرشدك ما في خلال كلامهم من الحجج البالغة إلى علوم جمة ، وحالات روحية شريفة ، وأخلاق كريمة ، ولو لا محذور الخروج عن طور هذا الكتاب لأوردنا شذرة منها في هذا المقام

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست