responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 204

حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ » : آل عمران : ١٧٩ ، أي كان في إرادته التمييز من قبل.

وقال تعالى : « لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً » : النساء : ١٣٧.

ويؤيده أيضا قوله في الآية التالية : « وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ »فإن ظاهر السياق أن هذه الآية معطوفة عطف تفسير على قوله : « فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ »فيتبين بها أنهم كانوا عهد إليهم بعهد ففسقوا عنه وكذبوا به حين عهد إليهم ثم إذا جاءتهم الرسل بالبينات كذبوهم ولم يؤمنوا بهم ، وما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل.

والآية أعني قوله : « وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ »مذيلة بقوله : « كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ »فدل ذلك على أن ما وصفه من مجيء الرسل بالبينات وعدم إيمانهم لتكذيبهم بذلك قبلا هو من مصاديق الطبع المذكور ، وحقيقته أن الله ثبت التكذيب في قلوبهم ومكنه من نفوسهم حتى إذا جاءتهم الرسل بالبينات لم يكن محل لقبول دعوتهم لكون المحل مشغولا بضده.

فتنطبق هاتان الآيتان بحسب المعنى على الآيتين الأوليين أعني قوله : ( وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنا أَهْلَها ») إلى آخر الآيتين حيث تصفان سنة الله أنه يرسل آيات دالة على حقية أصول الدعوة من التوحيد وغيره بأخذهم بالبأساء والضراء ثم تبديل السيئة حسنة ثم يطبع على قلوبهم جزاء لجرمهم.

وعلى هذا فالمعنى في الآية : لقد جاءتهم رسلهم بالبينات لكنهم لما لم يؤمنوا بالآيات المرسلة إليهم الداعية لهم إلى التضرع إلى الله والشكر لإحسانه بل شكوا فيها بل حملوها على عادة الدهر وتصريف الأيام وتقليبها الإنسان من حال إلى حال فكذبوا بهذه الآيات ، واستقر التكذيب في قلوبهم فلما دعاهم الأنبياء إلى الدين الحق لم يؤمنوا بما كانوا يدعون إليه من الحق وبما كانوا يذكرونهم بها من الآيات لأنهم كذبوا بها من قبل وما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل فإن الله عز وجل طبع على قلوبهم فهم لا يسمعون.

فعدم إيمانهم أثر الطبع الإلهي ، والطبع أثر تكذيبهم بدلالة الابتلاء بالبأساء والضراء ثم تبديل السيئة حسنة ثانيا ، ومن الدليل عليه قوله : « وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 204
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست