responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 196

ببعض اتصال أعضاء بدن واحد وأجزائه بعضها ببعض في صحتها وسقمها واستقامتها في صدور أفاعيلها ، وقيامها بالواجبات من أعمالها فالتفاعل بالآثار والخواص جار بينها عام شامل لها.

والجميع على ما يبينه القرآن الشريف سائر إلى الله سبحانه سألك نحو الغاية التي قدرت له فإذا اختل أمر بعض أجزائه وخاصة الأجزاء الشريفة ، وضعف أثره وانحرف عن مستقيم صراطه بأن أثر فساده في غيره ، وانعكس ذلك منه إلى نفسه في الآثار التي يرسلها ذلك الغير إليه ، وهي آثار غير ملائمة لحال هذا الجزء المنحرف ـ وهي المحنة والبلية التي يقاسيها هذا السبب من ناحية سائر الأسباب ـ فإن استقام بنفسه أو بإعانة من غيره عاد إليه رفاه حاله السابق ، ولو استمر على انحرافه واعوجاجه ، وأدام فساد حاله دامت له المحنة حتى إذا طغا وتجاوز حده ، وأوقفت سائر الأسباب المحيطة به في عتبة الفساد انتهضت عليه سائر الأسباب وهاجت بقواها التي أودعها الله سبحانه فيها لحفظ وجوداتها فحطمته ودكته ومحته بغتة وهو لا يشعر.

وهذه السنة التي هي من السنن الكونية التي أقرها الله سبحانه في الكون غير متخلفة عن الإنسان ، ولا الإنسان مستثنى منها فالأمة من الأمم إذا انحرفت عن صراط الفطرة انحرافا يصده عن السعادة الإنسانية التي قدرت غاية لمسيره في الحياة كان في ذلك اختلال حال غيره مما يحيط به من الأسباب الكونية المرتبطة به ، وينعكس إليه أثره السيئ الذي لا سبب له إلا انحرافه عن الصراط وتوجيهه آثارا سيئة من نفسه إلى تلك الأسباب ، وعند ذلك يظهر اختلالات في اجتماعاتهم ، ومحن عامة في روابطهم العامة كفساد الأخلاق ، وقسوة القلوب ، وفقدان العواطف الرقيقة ، وتهاجم النوائب وتراكم المصائب والبلايا الكونية كامتناع السماء من أن تمطر ، والأرض من أن تنبت ، والبركات من أن تنزل ، ومفاجأة السيول والطوفانات والصواعق والزلازل وخسف البقاع وغير ذلك كل ذلك آيات إلهية تنبه الإنسان وتدعو الأمة إلى الرجوع إلى ربه ، والعود إلى ما تركه من صراط الفطرة المستقيم ، وامتحان بالعسر بعد ما امتحن باليسر.

تأمل في قوله تعالى : « ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ »: الروم : ٤١ تراه شاهدا ناطقا بذلك ، فالآية تذكر أن المظالم والذنوب التي تكسبها أيدي الناس توجب فسادا في البر والبحر مما يعود إلى

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست