تصف الآيات بدء
خلقة الإنسان وتصويره ، وما جرى هناك من أمر الملائكة بالسجدة له ، وسجودهم وإباء
إبليس ، وغروره آدم وزوجته ، وخروجهما من الجنة. وما قضى الله في ذلك من القضاء.
قوله
تعالى : « وَلَقَدْ
مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ قَلِيلاً ما
تَشْكُرُونَ »التمكين
في الأرض هو الإسكان
والإيطان فيها أي جعلنا مكانكم الأرض ، ويمكن أن يكون من التمكين بمعنى الإقدار
والتسليط ، ويؤيد المعنى الثاني أن هذه الآيات تحاذي بنحو ما في سورة البقرة من
قصة آدم وإبليس وقد بدئت الآيات فيها بقوله : « هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ
جَمِيعاً »: البقرة : ٢٩ ، وهو التسليط والتسخير.
غير أن هذه
الآيات التي نحن فيها لما كانت تنتهي إلى قوله : « وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ
إِلى حِينٍ »كان المعنى الأول هو الأنسب وقوله : « وَلَقَدْ
مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ »( إلخ ) كالإجمال لما تفصله الآيات التالية إلى آخر قصة
الجنة.
والمعايش جمع معيشة وهي ما يعاش به من مطعم أو مشرب أو نحوها ،
والآية في مقام الامتنان عليهم بما أنعم الله عليهم من نعمة سكنى الأرض أو التسلط
والاستيلاء عليها ، وجعل لهم فيها من أنواع ما يعيشون به ، ولذلك ختم الكلام بقوله
: « قَلِيلاً
ما تَشْكُرُونَ ».