نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 8 صفحه : 184
وقد كان لوط ـ على
ما سيأتي إن شاء الله من تفصيل قصته في سورة هود ـ مرسلا إلى أهل سدوم وغيره
يدعوهم إلى دين التوحيد وكانوا مشركين عبدة أصنام.
وقوله
: « أَتَأْتُونَ
الْفاحِشَةَ »يريد بالفاحشة اللواط بدليل قوله : « إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ
الرِّجالَ شَهْوَةً »وفي قوله : « ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ
الْعالَمِينَ »أي أحد من الأمم والجماعات دلالة على أن تاريخ ظهور هذه
الفاحشة الشنيعة تنتهي إلى قوم لوط ، وسيأتي جل ما يتعلق به من الكلام في تفصيل
قصته في سورة هود.
قوله
تعالى : « إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ
الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ »الآية ، إتيان الرجال كناية عن العمل بهم بذلك ، وقوله «
شَهْوَةً »قرينة عليه ، وقوله « مِنْ دُونِ النِّساءِ »قرينة أخرى على ذلك ، ويفيد مضافا إلى ذلك أنهم كانوا قد
تركوا سبيل النساء واكتفوا بالرجال ، ولتعديهم سبيل الفطرة والخلقة إلى غيره عدهم
متجاوزين مسرفين فقال : « بَلْ
أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ».
ولكون عملهم
فاحشة مبتدعة لم يسبقهم إليها أحد من العالمين استفهم عن ذلك مقارنا بـ « أن » المفيدة
للتحقيق فأفاد التعجب والاستغراب ، والتقدير : « إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ »الآية.
قوله
تعالى : « وَما كانَ جَوابَ
قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا »إلى آخر الآية. أي لم يكن عندهم جواب فهددوه بالإخراج من
البلد فإن قولهم : « أَخْرِجُوهُمْ
مِنْ قَرْيَتِكُمْ »الآية. ليس جوابا عن قول لوط لهم : « أَتَأْتُونَ
الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ »الآية. فجواب الكلام في ظرف المناظرة إما إمضاؤه
والاعتراف بحقيته وإما بيان وجه فساده ، وليس في قولهم : « أَخْرِجُوهُمْ »إلى آخره شيء من ذلك فوضع ما ليس بجواب في موضع الجواب
كناية عن عدم الجواب ودلالة على سفههم.
وقد استهانوا
أمر لوط إذ قالوا : « أَخْرِجُوهُمْ
مِنْ قَرْيَتِكُمْ »الآية أي إن القرية أي البلدة لكم وهم نزلاء ليسوا منها
وهم يتنزهون عما تأتونه ويتطهرون ، ولا يهمنكم أمرهم فليسوا إلا أناسا لا عدة لهم
ولا شدة.
قوله
تعالى : « فَأَنْجَيْناهُ
وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ »فيه دلالة على أنه لم يكن آمن به إلا أهله ، وقد قال
تعالى في موضع آخر : « فَما
وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ »: الذاريات : ٣٦.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 8 صفحه : 184