responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 152

الشيء البسيط وضم ما له من درجة الوجود وحده وما له من الآثار والروابط التي له مع غيره ، فالأصول الأولية مقدرة مخلوقة كما أن المركبات مقدرة مخلوقة. قال الله تعالى : « وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً »: الفرقان : ٢ ، وقال : « الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى »: طه : ٥٠ ، وقال : « اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ »: الزمر : ٦٢ ، فعمم خلقه كل شيء.

فقد اعتبر في معنى الخلق تقدير جهات وجود الشيء وتنظيمها سواء كانت متمايزة منفصلا بعضها عن بعض أم لا بخلاف الأمر.

ولذا كان الخلق يقبل التدريج كما قال : « خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ »بخلاف الأمر قال تعالى : « وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ »: القمر : ٥٠ ، ولذلك أيضا نسب في كلامه إلى غيره الخلق كقوله : « وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها »: المائدة : ١١٠ ، وقال : « فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ »: المؤمنون : ١٤. وأما الأمر بهذا المعنى فلم ينسبه إلى غيره بل خصه بنفسه ، وجعله بينه وبين ما يريد حدوثه وكينونته كالروح الذي يحيا به الجسد.

انظر إلى قوله تعالى : « وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ »وقوله : « وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ »: الروم : ٤٦ ، وقوله : « يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ » : النحل : ٢ ، وقوله : « وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ »: الأنبياء : ٢٧ ، إلى غير ذلك من الآيات تجد أنه تعالى يجعل ظهور هذه الأشياء بسببية أمره أو بمصاحبة أمره ، فنلخص أن الخلق والأمر يرجعان بالآخرة إلى معنى واحد وإن كانا مختلفين بحسب الاعتبار.

فإذا انفرد كل من الخلق والأمر صح أن يتعلق بكل شيء ، كل بالعناية الخاصة به ، وإذا اجتمعا كان الخلق أحرى بأن يتعلق بالذوات لما أنها أوجدت بعد تقدير ذواتها وآثارها ، ويتعلق الأمر بآثارها والنظام الجاري فيها بالتفاعل العام بينها لما أن الآثار هي التي قدرت للذوات ولا وجه لتقدير المقدر فافهم ذلك.

ولذلك قال تعالى : « أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ »فأتى بالعطف المشعر بالمغايرة بوجه وكان المراد بالخلق ما يتعلق من الإيجاد بذوات الأشياء ، وبالأمر ما يتعلق بآثارها والأوضاع الحاصلة فيها والنظام الجاري بينها كما ميز بين الجهتين في أول الآية حيث قال : « خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ »وهذا هو إيجاد الذوات « ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 152
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست