نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 8 صفحه : 150
كذلك الملك من ملوكنا لحقيقية ملكه تعالى واعتبارية ملك غيره.
ففي عالم الكون
على اختلاف مراحل مرحلة تنتهي إليها جميع أزمة الحوادث الملقاة على كواهل الأسباب
، وأزمة الأسباب على اختلاف أشخاصها وأنواعها ، وترتب مراتبها هو المسمى عرشا كما
سيجيء ، وفيه صور الأمور الكونية المدبرة بتدبير الله سبحانه كيفما شاء ، وعنده
مفاتح الغيب.
فقوله تعالى :
« ثُمَّ
اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ »كناية عن استيلائه على ملكه وقيامه بتدبير الأمر قياما
ينبسط على كل ما دق وجل ، ويترشح منه تفاصيل النظام الكوني ينال به كل ذي بغية
بغيته ، وتقضي لكل ذي حاجة حاجته ، ولذلك عقب حديث الاستواء في سورة يونس في مثل
الآية بقوله : « يُدَبِّرُ
الْأَمْرَ »إذ قال : « ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ
الْأَمْرَ »: يونس : ٣.
ثم فصل بقوله :
« يُغْشِي
اللَّيْلَ النَّهارَ »ويستره به « يَطْلُبُهُ »أي يطلب الليل النهار ليغشيه ويستره « حَثِيثاً »أي طلبا حثيثا سريعا ، وفيه إشعار بأن الظلمة هي الأصل ،
والنهار الذي يحصل من إنارة الشمس ما يواجهها مما حولها ، عارض لليل الذي هو الظلمة
المخروطية اللازمة لأقل من نصف كرة الأرض المقابل للجانب المواجه للشمس كان الليل
يعقبه ويهجم عليه.
وقوله : « وَالشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ »أي خلقهن والحال أنها مسخرات بأمره يجرين على ما يشاء
ولما يشاء وقرئ الجميع بالرفع ، وعلى ذلك فالشمس مبتدأ والقمر والنجوم معطوفة
عليها ، ومسخرات خبره ، والباء في قوله : « بِأَمْرِهِ »للسببية.
ومجموع قوله :
« يُغْشِي
اللَّيْلَ النَّهارَ »إلخ ، يجري مجرى التفسير لقوله : « ثُمَّ اسْتَوى عَلَى
الْعَرْشِ »على ما يعطيه السياق ، وهو الذي تعطيه أغلب الآيات
القرآنية التي يذكر فيها العرش فإنها تذكر معه شيئا من التدبير أو ما يئول إليه
بحسب المعنى.
قوله
تعالى : « أَلا لَهُ الْخَلْقُ
وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ »ـ الخلق ـ هو التقدير بضم شيء إلى شيء وإن استقر ثانيا
في عرف الدين وأهله في معنى الإيجاد أو الإبداع على غير مثال سابق ، وأما ـ الأمر
ـ فيستعمل في معنى الشأن وجمعه أمور ، ومصدرا بمعنى يقرب من بعث الإنسان غيره نحو
ما يريده يقال أمرته بكذا أمرا ، وليس من البعيد
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 8 صفحه : 150