responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 7  صفحه : 90

أخذهم الله بغتة ومن حيث لا يشعرون به فإذا هم آيسون من النجاة شاهدون سقوط ما عندهم من الأسباب فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين.

وهذه السنة سنة الاستدراج والمكر الذي لخصها الله تعالى في قوله : « وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ » : ( الأعراف : ١٨٣ ) وبالتأمل فيما تقدم من تقرير معنى الآية والتدبر في سياقها يظهر أن الآية لا تنافي سائر الآيات الناطقة بأن الإنسان مفطور على التوحيد ملجأ باقتضاء من فطرته وجبلته إلى الإقرار به والتوجه إليه عند الانقطاع عن الأسباب الكونية كما قال تعالى : « وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ » : ( لقمان : ٣٢ ).

وذلك أن الآية لا تريد من البأساء والضراء إلا ما لا يبلغ من الشدة والمهابة مبلغا يذهلون به عن كل سبب وينسون به كل وسيلة عادية ، ومن الدليل على ذلك قوله في الآية : « لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ » إذ « لعل » كلمة رجاء ولا رجاء مع الإلجاء والاضطرار ، وكذا قوله تعالى : « وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ » فإن ظاهره أنهم اغتروا بذلك وتوسلوا في رفع البأساء والضراء إلى أعمالهم التي عملوها بأيديهم ودبروها بتدابيرهم للغلبة على موانع الحياة وأضداد العيش فاشتغلوا بالأسباب الطبيعية الملهية إياهم عن التضرع إلى الله سبحانه والاعتصام به ، كقوله تعالى : « فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ، فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ » : ( المؤمن : ٨٤ ) فالآية الأولى ـ كما ترى ـ تحكي عنهم نظير ما تحكيه الآية التي نحن فيها من الإعراض عن التضرع والاغترار بالأعمال ، والآية الثانية تحكي ما تحكيه الآيات الأخرى من التوحيد في حال الاضطرار.

ومن هنا يظهر فساد ما يظهر من بعضهم أن ظاهر الآية كون الأمم السابقة مستنكفة عن التوحيد معرضة عن التضرع حتى في الشدائد الملجئة قال في تفسير الآية : أقسم الله تعالى لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه أرسل رسلا قبله إلى أمم قبل أمته فكانوا أرسخ من قومه في الشرك ، وأشد منهم إصرارا على الظلم فإن قومه يدعون الله وحده عند شدة الضيق ،

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 7  صفحه : 90
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست