responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 7  صفحه : 51

قلت : كذبهم وحلفهم على الكذب يوم القيامة مما وقع في كلامه تعالى غير مرة ، ومثل الآية قوله تعالى : « يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ » : ( المجادلة : ١٨ ) وليس كذبهم وحلفهم عليه للتوصل به إلى الأغراض الفاسدة وستر الحق كما يتوصل إليها بالكذب في الدنيا فإن الآخرة دار جزاء لا دار عمل واكتساب.

لكنهم لكونهم اعتادوا أن يتفصوا من المخاطرات والمهالك ويجلبوا المنافع إليهم بالأيمان الكاذبة والأخبار المزورة خدعة وغرورا رسخت في نفوسهم ملكة الكذب ، والملكة إذا رسخت في النفس اضطرت النفس إلى إجابتها إلى ما تدعو إليه ، وذلك كما أن البذي الفحاش إذا استقرت في نفسه ملكة السب لا يقدر على الكف عنه وإن عزم عليه والمستكبر اللجوج العنود لا يملك من نفسه أن يتواضع ، وإن خضع في موقف المهلكة والذلة أحيانا فإنما يخضع ظاهرا وبلسانه ، وأما باطنا وفي قلبه فهو على حاله لم يتغير ولن يتغير البتة.

وهذا هو السر في كذبهم يوم القيامة لأنه يوم تبلى فيه السرائر والسريرة المعقودة على الكذب ليس فيها إلا الكذب فيظهر ما استقر فيه كما قال تعالى : « وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً » : ( النساء : ٤٢ ) ونظيره التخاصم الدائر بين أهل الدنيا فإنه يظهر بعينه يوم القيامة بينهم ، وقد قص الله سبحانه ذلك في مواضع كثيرة من كلامه ، وأجمله في قوله :

« إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ » : ( ـ ص : ٦٤ ) هذا في أهل العذاب وأما أهل المغفرة والجنة فيظهر منهم هناك ما كان في نفوسهم هاهنا من الصفا والسلامة ، قال تعالى : « لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً ، إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً » : ( الواقعة : ٢٦ ) فافهم ذلك.

قوله تعالى : « وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ » إلى آخر الآية ، الأكنة جمع كن بكسر الكاف وهو الغطاء الذي يكن فيه الشيء ويغطى ، والوقر هو الثقل في السمع ، والأساطير جمع أسطورة بمعنى الكذب والمين على ما نقل عن المبرد ، وكان أصله السطر وهو الصف من الكتابة أو الشجر أو الناس غلب استعماله فيما جمع ونظم ورتب من الأخبار الكاذبة.

وكان ظاهر السياق أن يقال : يقولون إن هذا إلا أساطير الأولين ، ولعل الإظهار للإشعار بالسبب في هذا الرمي وهو الكفر.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 7  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست