responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 7  صفحه : 374

وأمر بتجنبه. انتهى.

وقد عد في مواضع من القرآن الكريم إحسان الوالدين تاليا للتوحيد ونفي الشرك فأمر به بعد الأمر بالتوحيد أو النهي عن الشرك به كقوله : « وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً » : ( الإسراء : ٢٣ ) وقوله : « وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ » : ( لقمان : ١٤ ) وغير ذلك من الآيات.

ويدل ذلك على أن عقوق الوالدين من أعظم الذنوب أو هو أعظمها بعد الشرك بالله العظيم ، والاعتبار يهدي إلى ذلك فإن المجتمع الإنساني الذي لا يتم للإنسان دونه حياة ولا دين هو أمر وضعي اعتباري لا يحفظه في حدوثه وبقائه إلا حب النسل الذي يتكئ على رابطة الرحمة المتكونة في البيت القائمة بالوالدين من جانب وبالأولاد من جانب آخر ، والأولاد إنما يحتاجون إلى رحمتهما وإحسانهما في زمان تتوق أنفسهما إلى نحو الأولاد بحسب الطبع ، وكفى به داعيا ومحرضا لهما إلى الإحسان إليهم بخلاف حاجتهم إلى رأفة الأولاد ورحمتهم فإنها بالطبع يصادف كبرهما ويوم عجزهما عن الاستقلال بالقيام بواجب حياتهما وشباب الأولاد وقوتهم على ما يعنيهم.

وجفاء الأولاد للوالدين وعقوقهم لهما يوم حاجتهما إليهم ورجائهما منهم وانتشار ذلك بين النوع يؤدي بالمقابلة إلى بطلان عاطفة التوليد والتربية ، ويدعو ذلك من جهة إلى ترك التناسل وانقطاع النسل ، ومن جهة إلى كراهية تأسيس البيت والتكاهل في تشكيل المجتمع الصغير ، والاستنكاف عن حفظ سمة الأبوة والأمومة ، وينجر إلى تكون طبقة من الذرية الإنسانية لا قرابة بينهم ولا أثر من رابطة الرحم فيهم ، ويتلاشى عندئذ أجزاء المجتمع ، ويتشتت شملهم ، ويتفرق جمعهم ، ويفسد أمرهم فسادا لا يصلحه قانون جار ولا سنة دائرة ، ويرتحل عنهم سعادة الدنيا والآخرة ، وسنقدم إليك بحثا ضافيا في هذه الحقيقة الدينية إن شاء الله.

قوله تعالى : « وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ » الإملاق الإفلاس من المال والزاد ومنه التملق ، وقد كان هذا كالسنة الجارية بين العرب في الجاهلية لتسرع الجدب والقحط إلى بلادهم فكان الرجل إذا هدده الإفلاس بادر إلى قتل أولاده تأنفا من أن يراهم على ذلة العدم والجوع.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 7  صفحه : 374
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست