responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 7  صفحه : 29

والعنصرية والمركبة على نظام يدهش اللب ، ثم خلقنا وأسكننا الليل والنهار ثم كثرنا وأجرى بيننا نظام الاجتماع الإنساني ثم هدانا إلى وضع اللغات ، واعتبار السنن ووضع الاعتبارات ، ولم يزل يصاحبنا ويصاحب سائر الأسباب خطوة خطوة ، ويجارينا وإياها في مسير الليل والنهار لحظة لحظة ، وساق حوادث لا نحصيها حادثة بعد حادثة.

حتى تكلم الواحد منا بكلام فوضع المعنى في قلبه بإلهامه ، وأجرى اللفظ في لسانه بتعريفه ، وأسمع الصوت لمخاطبه بإسماعه ، وسار بمعناه إلى ذهنه بحفظه ، وفهم المعنى لمفكرته بتعليمه ، ثم بعثه لموافقة ما ألقاه إليه المتكلم أو صده عن ذلك بإرادة باعثة له إليه أو كراهة دافعة له عنه ، وهو في جميع هذه المراحل التي تعجز عن الانعقاد عليها أنامل العد والإحصاء قائد وسائق وهاد وحفيظ ورقيب! فكيف يسع لقائل إلا أن يقول : إنه تعالى سميع عليم ، وما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم.

وكذا إذا عمل الواحد منا بعمل حسنة كان أو سيئة فهو مولود من أب وأم يولدانه تحت مراقبة الاختيار والإرادة ، وقد انتقل إليهما بعد ما قطع طريقا بعيدا وأمدا مديدا في أصلاب أسباب فاعله ، وأرحام علل أخرى منفعلة إلى أن ينتهي بما الله أعلم به ، ولم يزل سبحانه ينقله بإرادته من حجر إلى حجر ، والأرض قبضته والسماوات بيمينه حتى نزل منزل الاختيار فصاحبه منزلا بعد منزل بإذنه حتى طلع من أفق العين ، وأخذ موضعه من مسكن الليل والنهار ثم لا يزال يجري فيما يتأثر منه من أجزاء الكون كأحد الأسباب الجارية ، والله سبحانه عليه شهيد وبه محيط فكيف يمكن أن يغفل سبحانه عما هذا شأنه؟ ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.

ومما تقدم يظهر أن قوله تعالى : « وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ » بمنزلة النتيجة لقوله : « وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ».

والسمع والعلم وإن كانا معدودين من صفاته تعالى الذاتية التي هي عين الذات المتعالية من غير أن يتفرع على أمر غيرها لكن من العلم وكذا السمع والبصر ما هو صفة فعلية خارجة عن الذات وهي التي يتوقف ثبوتها على تحقق متعلق غير الذات المقدسة

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 7  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست