نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 7 صفحه : 158
فهذا كلام من
لم ير صنما ولم يشاهد وثنيا يعبد صنما وقد كان عليهالسلام في مهد الوثنية وهو بابل كلدان ، وقد عاش بينهم برهة من
الزمان فهل كان مثل هذا التعبير منه عليهالسلام : «
ما هذِهِ التَّماثِيلُ » تحقيرا للأصنام وإيماء إلى أنه لا يضعها الموضع الذي يضعها عليه الناس
ولا يقر لها بما أقروا به من القداسة والفضل كأنه لا يعرفها كقول فرعون لموسى عليهالسلام : «
وَما رَبُّ الْعالَمِينَ » : ( الشعراء : ٢٣ ) وقول كفار مكة للنبي صلىاللهعليهوآله فيما حكى الله تعالى : « وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ
إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ
هُمْ كافِرُونَ » : ( الأنبياء : ٣٦ ).
لكن يبعده أن
إبراهيم عليهالسلام ما كان يستعمل في خطاب أبيه آزر إلا جميل الأدب حتى إذا
طرده أبوه وهدده بالرجم قال له إبراهيم : « سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي
إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا » : ( مريم : ٤٧ ).
فمن المستبعد
أن يلقي إليه أول ما يواجهه من الكلام ما يتضمن تحقير شأن آلهته المقدسة عنده في
لحن التشويه والإهانة فيثير به عصبيته ونزعته الوثنية ، وقد نهى الله سبحانه في
هذه الملة التي هي ملة إبراهيم حنيفا عن سب آلهة المشركين لئلا يثير ذلك منهم ما يواجهون
المسلمين بمثله قال تعالى : «
وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً
بِغَيْرِ عِلْمٍ » : ( الأنعام : ١٠٨ ).
ثم إنه عليهالسلام بعد الفراغ مما حاج به أباه آزر وقومه في أمر الأصنام
يشتغل بأربابها وهي الكوكب والقمر والشمس فيقول لما رأى كوكبا : « هذا رَبِّي » ثم يقول لما رأى القمر بازغا : « هذا رَبِّي » ثم يقول لما رأى الشمس بازغة : « هذا رَبِّي هذا
أَكْبَرُ » وهذه
التعبيرات أيضا تعبير من كأنه لم ير كوكبا ولا قمرا ولا شمسا ، وأوضح التعبيرات
دلالة على هذا المعنى قوله عليهالسلام في الشمس : ( هذا رَبِّي هذا
أَكْبَرُ ) فإن هذا كلام من لا يعرف ما هي الشمس وما هما القمر
والكوكب غير أنه يجد الناس يخضعون لها ويعبدونها ويقربون لها القرابين كما يرويه
التاريخ عن أهل بابل ، وهذا كما إذا رأيت شبح إنسان لا تدري أرجل هو أو امرأة تسأل
وتقول : من هذا؟ تريد الشخص لأنك لا تعلم منه أزيد من أنه شخص إنسان فيقال : امرأة
فلان أو هو فلان ، وإذا رأيت شبحا لا تدري إنسان هو أو حيوان أو جماد تقول ما هذا؟
تريد الشبح أو المشار إليه إذ لا
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 7 صفحه : 158