نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 6 صفحه : 76
إليها النعمة المسلوبة كما قال تعالى : « وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا
لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ
كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ » : يونس : ١٢ ، وقال تعالى : « وَلَئِنْ أَذَقْناهُ
رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي » : حم السجدة : ٥٠ ، وقال تعالى : « وَإِذا أَنْعَمْنا
عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو
دُعاءٍ عَرِيضٍ » : حم السجدة : ٥١.
فتحصل أن مس
الضر أبعث للإنسان إلى الخضوع للرب وعبادته من وجدان النفع ، ولذلك قدم الله
سبحانه الضر على النفع في قوله : «
ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً » وكذا في سائر الموارد التي تماثله كقوله : « اتَّخَذُوا مِنْ
دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ
لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا
نُشُوراً » : الفرقان :
٣.
ورابعا
: أن مجموع
الآية : « أَتَعْبُدُونَ
مِنْ دُونِ اللهِ » إلى آخرها حجة على وجوب قصر العبادة في الله سبحانه من دون إشراك غيره
معه وهي منحلة إلى حجتين ملخصهما : أن اتخاذ الإله وعبادة الرب إنما هو لغرض دفع
الضر وجلب النفع فيجب أن يكون الإله المعبود مالكا لذلك ولا يجوز عبادة من لا يملك
شيئا ، والله سبحانه هو السميع المجيب للدعوة العليم بكنه الحاجة من غير جهل دون
غيره ؛ فوجب عبادته من غير إشراك غيره.
قوله
تعالى : « قُلْ يا أَهْلَ
الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ » خطاب آخر للنبي صلىاللهعليهوآله بأمره أن يدعو أهل الكتاب إلى عدم الغلو في دينهم ،
وأهل الكتاب وخاصة النصارى مبتلون بذلك ، و « الغالي »
المتجاوز عن الحد
بالإفراط ، ويقابله « القالي » في طرف التفريط.
ودين الله الذي
يفسره كتبه المنزلة يأمر بالتوحيد ونفي الشريك وينهى عن اتخاذ الشركاء لله سبحانه
، وقد ابتلي بذلك أهل الكتاب عامة اليهود والنصارى ، وإن كان أمر النصارى في ذلك
أشنع وأفظع قال تعالى : «
وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ
اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ
قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ، اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ
وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما
أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ
عَمَّا يُشْرِكُونَ » التوبة : ٣١.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 6 صفحه : 76