responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 6  صفحه : 46

وأما كون هذا الحكم بحيث لو لم يبلغ فكأنما لم تبلغ الرسالة فإنما ذلك لكون المعارف والأحكام الدينية مرتبطة بعضها ببعض بحيث لو أخل بأمر واحد منها أخل بجميعها وخاصة في التبليغ لكمال الارتباط ، وهذا التقدير وإن كان في نفسه مما لا بأس به لكن ذيل الآية وهو قوله : « وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ » لا يلائمه فإن هذا الذيل يكشف عن أن قوما كافرين من الناس هموا بمخالفة هذا الحكم النازل أو كان المترقب من حالهم أنهم سيخالفونه مخالفة شديدة ، ويتخذون أي تدبير يستطيعونه لإبطال هذه الدعوة وتركه سدى لا يؤثر أثرا ولا ينفع شيئا وقد وعد الله رسوله أن يعصمه منهم ، ويبطل مكرهم ، ولا يهديهم في كيدهم.

ولا يستقيم هذا المعنى مع أي حكم نازل فرض فإن المعارف والأحكام الدينية في الإسلام ليست جميعا في درجة واحدة ففيها التي هي عمود الدين ، وفيها الدعاء عند رؤية الهلال ، وفيها زنى المحصن وفيها النظر إلى الأجنبية ، ولا يصح فرض هذه المخافة من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والوعد بالعصمة من الله مع كل حكم حكم منها كيفما كان بل في بعض الأحكام.

فليس استلزام عدم تبليغ هذا الحكم لعدم تبليغ غيره من الأحكام إلا لمكان أهميته ووقوعه من الأحكام في موقع لو أهمل أمره كان ذلك في الحقيقة إهمالا لأمر سائر الأحكام ، وصيرورتها كالجسد العادم للروح التي بها الحياة الباقية والحس والحركة ، وتكون الآية حينئذ كاشفة عن أن الله سبحانه كان قد أمر رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله بحكم يتم به أمر الدين ويستوي به على عريشة القرار ، وكان من المترقب أن يخالفه الناس ويقلبوا الأمر على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بحيث تنهدم أركان ما بناه من بنيان الدين وتتلاشى أجزاؤه ، وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يتفرس ذلك ويخافهم على دعوته فيؤخر تبليغه إلى حين بعد حين ليجد له ظرفا صالحا وجوا آمنا عسى أن تنجح فيه دعوته ، ولا يخيب مسعاه فأمره الله تعالى بتبليغ عاجل ، وبين له أهمية الحكم ، ووعده أن يعصمه من الناس ، ولا يهديهم في كيدهم ، ولا يدعهم يقلبوا له أمر الدعوة.

وإنما يتصور تقليب أمر الدعوة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وإبطال عمله بعد انتشار الدعوة الإسلامية لا من جانب المشركين ووثنية العرب أو غيرهم كأن تكون الآية نازلة في مكة قبل الهجرة ، وتكون مخافة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من الناس من جهة افترائهم عليه واتهامهم إياه في أمره كما حكاه الله سبحانه من قولهم : « مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ » : الدخان : ١٤.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 6  صفحه : 46
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست