responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 6  صفحه : 32

قوله تعالى : « وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ » كانت اليهود لا ترى جواز النسخ في الأحكام الدينية ، ولذا كانت لا تقبل بنسخ التوراة وتعير المسلمين بنسخ الأحكام ، وكذا كانت لا ترى جواز البداء في القضايا التكوينية على ما يتراءى من خلال الآيات القرآنية كما تقدم الكلام فيه في تفسير قوله تعالى : « ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها » : الآية البقرة : ١٠٦ ، في الجزء الأول من هذا الكتاب وفي موارد أخر.

والآية أعني قوله تعالى : « وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ » تقبل الانطباق على قولهم هذا غير أن ظاهر قوله تعالى جوابا عنهم : « بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ » يأبى عن ذلك ، ويدل على أنهم إنما تكلموا بهذه الكلمة الأثيمة في شيء من أمر الرزق أما في خصوص المؤمنين لما في عامتهم من الفقر الشامل والعسرة وضيق المعيشة ، وأنهم إنما قالوا هذا القول استهزاء بالله سبحانه إيماء إلى أنه لا يقدر على إغناء عباده المؤمنين به وإنجائهم من الفقر والمذلة ، لكن هذا الوجه لا يناسب وقوع الآية في سورة المائدة إن كانت نازلة في مطاوي سائر آياتها فإن المسلمين كانوا يوم نزولها على خصب من العيش وسعة من الرزق ورفاهية من الحال.

وإما أنهم إنما قالوها لجدب أو غلاء أصابهم فضاقت بذلك معيشتهم ، ونكدت حالهم ، واختل نظام حياتهم ، كما ربما يظهر من بعض ما ورد في أسباب النزول ، وهذا الوجه أيضا يأباه سياق الآيات فإن الظاهر أن الآيات إنما تتعرض لشتات أوصافهم فيما يعود إلى عدوانهم ومكرهم بالنسبة إلى المسلمين نقمة منهم لا ما صدر منهم من إثم القول عند أنفسهم.

وإما أنهم إنما تفوهوا بذلك لما سمعوا أمثال قوله تعالى : « مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً » : البقرة : ٢٤٥ ، وقوله تعالى : « وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً » : المزمل ـ ٢٠ ، فقالوا : يد الله مغلولة لا يقدر على تحصيل ما ينفق في حوائجه لترويج دينه وإحياء دعوته. وقد قالوا ذلك سخرية واستهزاء على ما يظهر من بعض آخر مما ورد في أسباب النزول ، وهذا الوجه أقرب إلى النظر.

وكيف كان فهذه النسبة أعني نسبة غل اليد والمغلوبية عند بعض الحوادث مما

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 6  صفحه : 32
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست