نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 6 صفحه : 31
والقول في معارف الدين بما يوجب الكفر والفسوق على ما يشهد به ما في الآية
التالية من قوله : «
عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ».
وعلى هذا
فالأمور الثلاثة أعني الإثم والعدوان وأكل السحت تستوعب نماذج من فسوقهم في القول
والفعل ، فهم يقترفون الذنب في القول وهو الإثم القولي ، والذنب في الفعل وهو إما
فيما بينهم وبين المؤمنين وهو التعدي عليهم ، وإما عند أنفسهم كأكلهم السحت ، وهو
الربا والرشوة ونحو ذلك ثم ذم ذلك منهم بقوله : « لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ » ثم أتبعه بتوبيخ الربانيين والأحبار في سكوتهم عنهم
وعدم نهيهم عن ارتكاب هذه الموبقات من الآثام والمعاصي وهم عالمون بأنها معاص
وذنوب فقال : (لَوْ لا يَنْهاهُمُ
الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ
السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ) ».
وربما أمكن أن
يستفاد من قوله : «
عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ » عند تطبيقه على ما في الآية السابقة : « يُسارِعُونَ فِي
الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ » حيث ترك العدوان في الآية الثانية أن الإثم والعدوان
شيء واحد ، وهو تعدي حدود الله سبحانه قولا تجاه المعصية الفعلية التي أنموذجها
أكلهم السحت.
فيكون المراد
بقوله : «
يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ » إراءة سيئة قولية منهم وهي الإثم والعدوان ، وسيئة
أخرى فعلية منهم وهي أكلهم السحت.
والمسارعة
مبالغة في معنى السرعة وهي
ضد البطء ، والفرق بين السرعة والعجلة على ما يستفاد من موارد استعمال الكلمتين أن
السرعة أمس بعمل الأعضاء والعجلة بعمل القلب ، نظير الفرق بين الخضوع والخشوع ،
والخوف والخشية ، قال الراغب في المفردات : السرعة
ضد البطء ، ويستعمل في
الأجسام والأفعال ، يقال : سرع (بضم الراء) فهو سريع وأسرع فهو مسرع ، وأسرعوا
صارت إبلهم سراعا نحو أبلدوا ، وسارعوا وتسارعوا ، انتهى.
وربما قيل : إن
المسارعة والعجلة بمعنى واحد غير أن المسارعة أكثر ما يستعمل في الخير ، وأن
استعمال المسارعة في المقام ـ وإن كان مقام الذم وكانت العجلة أدل على الذم منها ـ
إنما هو للإشارة إلى أنهم يستعملونها كأنهم محقون فيها ، انتهى ولا يخلو عن بعد.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 6 صفحه : 31