وهذا الدعاء
الذي أدى إلى تشريع الحرم الإلهي وبناء الكعبة المقدسة التي هي أول بيت وضع للناس
ببكة مباركة وهدى للعالمين هو إحدى ثمرات همته العالية المقدسة التي امتن به على
من بعده من المسلمين إلى يوم القيامة.
وهذا مما دعا عليهالسلام به في أواخر عمره الشريف وقد بنيت بلدة مكة ، والدليل
عليه قول فيه : « الْحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ » وقوله : « اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً » ولم يقل كما في دعائه السابق : « واجعل هذا بلدا آمنا
».
ومما استعمل
فيه من الأدب تمسكه بالربوبية في دعائه ، وكلما ذكر ما يختص بنفسه قال : « رَبِّ » وكلما ذكر ما يشاركه فيه غيره قال : « رَبَّنا ».
ومن الأدب
المستعمل في دعائه أن كلما ذكر حاجة من الحوائج يمكن أن يسأل لغرض مشروع أو غير
مشروع ذكر غرضه الصحيح من حاجته ، وفيه من إثارة الرحمة الإلهية ما لا يخفى فلما
قال : «
اجْنُبْنِي وَبَنِيَّ » « إلخ » ، ذكر بعده قوله : « رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ » « إلخ » ، وحيث قال : « رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ » « إلخ » ، قال بعده : « رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ » وإذ دعا بقوله : « فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي
إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ » ذيله بقوله : « لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ».
ومن أدبه فيه
أنه أردف كل حاجة ذكرها بما يناسب مضمونها من أسماء الله
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 6 صفحه : 272