نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 6 صفحه : 243
من سنخ غير الله سبحانه وأما كون ذلك مقارنا لنفي ألوهيته تعالى أو إثباتها
فهو مسكوت عنه لا يدل عليه لفظ وإنما يعلم من خارج ، والنصارى لا ينفون ألوهيته
تعالى مع اتخاذهم المسيح وأمه إلهين من دون الله سبحانه.
وربما استشكل
بعضهم الآية بأن النصارى غير قائلين بألوهية مريم العذراء (ع) ، وذكروا في توجيهها
وجوها.
لكن الذي يجب
أن يتنبه عليه أن الآية إنما ذكرت اتخاذهم إياها إلهة ولم يذكر قولهم بأنها إلهة
بمعنى التسمية ، واتخاذ الإله غير القول بالألوهية إلا من باب الالتزام ، واتخاذ
الإله يصدق بالعبادة والخضوع العبودي قال تعالى : « أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ » : الجاثية : ٢٣ وهذا المعنى مأثور عن أسلاف النصارى
مشهود في أخلافهم.
قال الآلوسي في
روح المعاني ، : إن أبا جعفر الإمامي حكى عن بعض النصارى أنه كان فيما مضى قوم
يقال لهم : « المريمية » يعتقدون في مريم أنها إله.
وقال في تفسير
المنار ، : أما اتخاذهم المسيح إلها فقد تقدم في مواضع من تفسير هذه السورة ، وأما
أمه فعبادتها كانت متفقا عليها في الكنائس الشرقية والغربية بعد قسطنطين ، ثم
أنكرت عبادتها فرقة البروتستانت التي حدثت بعد الإسلام بعدة قرون [١].
إن هذه العبادة
التي توجهها النصارى إلى مريم والدة المسيح (عليهالسلام) منها ما هو صلاة ذات دعاء وثناء واستغاثة واستشفاع ،
ومنها صيام ينسب إليها ويسمى باسمها ، وكل ذلك يقرن بالخضوع والخشوع لذكرها
ولصورها وتماثيلها ، واعتقاد السلطة الغيبية لها التي يمكنها بها في اعتقادهم أن
تنفع وتضر في الدنيا والآخرة بنفسها أو بواسطة ابنها ، وقد صرحوا بوجوب العبادة
لها ، ولكن لا يعرف عن فرقة من فرقهم إطلاق كلمة « إله » عليها بل يسمونها « والدة
الإله » ويصرح بعض فرقهم أن ذلك حقيقة لا مجاز.
[١] كما أن القول
برسالة المسيح ونفي ألوهيته لا يزال يشيع في هذه الأيام وهي سنة ١٩٥٨ م بين نصارى
أمريكا ، وقد ذكر المحقق ه. ج. فلز في مجمل التاريخ : أن هذه العبادة التي تأتي
بها عامة النصارى للمسيح وأمه لا توافق تعليم المسيح لأنه نهى كما في إنجيل مرقس
أن يعبد غير الله الواحد ليراجع ص ٥٢٦ وص ٥٣٩ من الكتاب المزبور.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 6 صفحه : 243