responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 6  صفحه : 187

فالأعمال والمجاهدات والارتياضات الدينية ترجع جميعا إلى نوع من الاشتغال بأمر النفس ، والإنسان يرى بالفطرة أنه لا يأخذ شيئا ولا يترك شيئا إلا لنفع نفسه ، وقد تقدم أن الإنسان لا يخلو ، ولا لحظة من لحظات وجوده من مشاهدة نفسه وحضور ذاته وأنه لا يخطئ في شعوره هذا البتة ، وإن أخطأ فإنما يخطئ في تفسيره بحسب الرأي النظري والبحث الفكري ؛ فظهر بهذا البيان أن الأديان والمذاهب على اختلاف سننها وطرقها لا تروم إلا الاشتغال بأمر النفس في الجملة ، سواء علم بذلك المنتحلون بها أم لم يعلموا.

وكذلك الواحد من أصحاب الرياضات والمجاهدات وإن لم يكن منتحلا بديلا ولا مؤمنا بأمر حقيقة النفس لا يقصد بنوع رياضته التي يرتاض بها إلا الحصول على نتيجتها الموعودة له ، وليست النتيجة الموعودة مرتبطة بالأعمال والتروك التي يأتي بها ارتباطا طبيعيا نظير الارتباط الواقع بين الأسباب الطبيعية ومسبباتها ، بل هو ارتباط إرادي غير مادي متعلق بشعور المرتاض وإرادته المحفوظين بنوع العمل الذي يأتي به ، دائر بين نفس المرتاض وبين النتيجة الموعودة ؛ فحقيقة الرياضة المذكورة هي تأييد النفس وتكميلها في شعورها وإرادتها للنتيجة المطلوبة ، وإن شئت قلت : أثر الرياضة أن تحصل للنفس حالة العلم بأن المطلوب مقدور لها فإذا صحت الرياضة وتمت صارت بحيث لو أرادت المطلوب مطلقا أو أرادته على شرائط خاصة كإحضار الروح للصبي غير المراهق في المرآة حصل المطلوب.

وإلى هذا الباب يرجع معنى ما روي : « أنه ذكر عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أن بعض أصحاب عيسى عليه‌السلام كان يمشي على الماء ـ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو كان يقينه أشد من ذلك لمشى على الهواء »

فالحديث ـ كما ترى ـ يؤمئ إلى أن الأمر يدور مدار اليقين بالله سبحانه وإمحاء الأسباب الكونية عن الاستقلال في التأثير ، فإلى أي مبلغ بلغ ركون الإنسان إلى القدرة المطلقة الإلهية انقادت له الأشياء على قدره ، فافهم ذلك.

ومن أجمع القول في هذا الشأن قول الصادق عليه‌السلام : ما ضعف بدن عما قويت عليه النية ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله في الحديث المتواتر : « إنما الأعمال بالنيات ».

فقد تبين أن الآثار الدينية للأعمال والعبادات وكذلك آثار الرياضات والمجاهدات إنما تستقر الرابطة بينها وبين النفس الإنسانية بشئونها الباطنية ، فالاشتغال بشيء منها

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 6  صفحه : 187
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست