responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 6  صفحه : 166

ثم ما بعده من جنة أو نار ، فهذه هي المسافة التي يقطعها الإنسان من موقفه في أول تكونه إلى أن ينتهي إلى ربه ، قال تعالى : « وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى » : النجم : ٤٢.

وهو الإنسان لا يطأ موطأ في مسيره ولا يسير ولا يسري إلا بأعمال قلبية هي الاعتقادات ونحوها وأعمال جوارحية صالحة ، أو طالحة وما أنتجه عمله يوما كان هو زاده غدا فالنفس هو طريق الإنسان إلى ربه ، والله سبحانه هو غايته في مسيره.

وهذا طريق اضطراري لا مناص للإنسان عن سلوكه كما يدل عليه قوله تعالى : « يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ » : الإنشقاق : ٦ فهذا طريق ضروري السلوك يشترك فيه المؤمن والكافر والملتفت المتنبه والغافل العامة ، والآية لا تريد الحث على لزومه بمعنى البعث على سلوكه ممن لا يسلك.

وإنما تريد الآية تنبيه المؤمنين على هذه الحقيقة بعد غفلتهم عنها ، فإن هذه الحقيقة كسائر الحقائق التكوينية وإن كانت ثابتة غير متغيرة بالعلم والجهل لكن التفات الإنسان إليها يؤثر في عمله تأثيرا بارزا ، والأعمال التي تربي النفس الإنسانية تربية مناسبة لسنخها وإذا كان العمل ملائما لواقع الأمر مناسبا لغاية الصنع والإيجاد كانت النفس المستكملة بها سعيدة في جدها ، غير خائبة في سعيها ولا خاسرة في صفقتها ، وقد مر بيان ذلك في مواضع كثيرة من هذا الكتاب بما لا يبقى معه ريب.

وتوضيح ذلك بما يناسب هذا المقام أن الإنسان كغيره من خلق الله سبحانه واقع تحت التربية الإلهية من دون أن يفوته تعالى شيء من أمره ، وقد قال تعالى : « ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » : هود : ٥٦ وهذه تربية تكوينية على حد ما يربي الله سبحانه غيره من الأمور ، في مسيرها جميعا إليه تعالى ، وقد قال : « أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ » : الشورى : ٥٣ ولا يتفاوت الأمر ولا يختلف الحال في هذه التربية بين شيء وشيء فإن الصراط مستقيم ، والأمر متشابه مطرد ، وقد قال تعالى أيضا : « ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ » : الملك : ٣.

وقد جعل سبحانه غاية الإنسان وما ينتهي إليه أمره ويستقر عليه عاقبته من حيث السعادة والشقاوة والفلاح والخيبة مبنية على أحوال وأخلاق نفسانية مبنية على أعمال من الإنسان تنقسم تلك الأعمال إلى صالحة وطالحة وتقوى وفجور كما قال تعالى : « (وَنَفْسٍ

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 6  صفحه : 166
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست