responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 6  صفحه : 159

وإن كان حقا في بعض الأحيان وعلى بعض الشروط وهو رجوع الجاهل إلى العالم ، وهو مما استقر عليه سير المجتمع الإنساني في جميع أحكام الحياة التي لا يتيسر فيها للإنسان أن يحصل العلم بما يحتاج إلى سلوكه من الطريق الحيوي ، لكن تقليد الجاهل في جهله بمعنى رجوع الجاهل إلى جاهل آخر مثله مذموم في سنة العقلاء كما يذم رجوع العالم إلى عالم آخر بترك ما يستقل بعمله من نفسه والأخذ بما يعلم غيره.

ولذلك رده تعالى بقوله : « أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ » ومفاده أن العقل ـ لو كان هناك عقل ـ لا يبيح للإنسان الرجوع إلى من لا علم عنده ولا اهتداء فهذه سنة الحياة لا تبيح سلوك طريق لا تؤمن مخاطره ، ولا يعلم وصفه لا بالاستقلال ولا باتباع من له به خبرة.

ولعل إضافة قوله : « وَلا يَهْتَدُونَ » إلى قوله : « لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً » لتتميم قيود الكلام بحسب الحقيقة ، فإن رجوع الجاهل إلى مثله وإن كان مذموما لكنه إنما يذم إذا كان المسئول المتبوع مثل السائل التابع في جهله لا يمتاز عنه بشيء ، وأما إذا كان المتبوع نفسه يسلك الطريق بهداية عالم خبير به ودلالته فهو مهتد في سلوكه ، ولا ذم على من اتبعه في مسيره وقلده في سلوك الطريق ، فإن الأمر ينتهي إلى العلم بالآخرة كمن يتبع عالما بأمر الطريق ثم يتبعه آخر جاهل به.

ومن هنا يتضح أن قوله : « أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً » غير كاف في تمام الحجة عليهم لاحتمال أن يكون آباءهم الذين اتبعوهم بالتقليد مهتدين بتقليد العلماء الهداة فلا يجري فيهم حكم الذم ، ولا تتم عليهم الحجة فدفع ذلك بأن آباءهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون ، ولا مسوغ لاتباع من هذا حاله.

ولما تحصل من الآية الأولى أعني قوله : « (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ) ، إلخ » أنهم بين من لا يعقل شيئا وهم الأكثرون ، ومن هو معاند مستكبر تحصل أنهم بمعزل من أهلية توجيه الخطاب وإلقاء الحجة ولذلك لم تلق إليهم الحجة في الآية الثانية بنحو التخاطب بل سيق الكلام على خطاب غيرهم والصفح عن مواجهتهم فقيل : « أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ ».

وقد تقدم في الجزء الأول من أجزاء هذا الكتاب بحث علمي أخلاقي في معنى

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 6  صفحه : 159
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست