نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 6 صفحه : 142
والقيام
ما يقوم به الشيء ، قال
الراغب : والقيام والقوام اسم لما يقوم به الشيء أي يثبت كالعماد والسناد لما يعمد
ويسند به كقوله : «
وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً » أي جعلها مما يمسككم ، وقوله : « جَعَلَ اللهُ
الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ » أي قواما لهم يقوم به معاشهم ومعادهم ، قال الأصم :
قائما لا ينسخ ، وقرئ : قيما بمعنى قياما ، انتهى.
فيرجع معنى
قوله : « جَعَلَ
اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ » إلى أنه تعالى جعل الكعبة بيتا حراما احترمه ، وجعل
بعض الشهور حراما ، ووصل بينهما حكما كالحج في ذي الحجة الحرام ، وجعل هناك أمورا
تناسب الحرمة كالهدي والقلائد كل ذلك لتعتمد عليه حياة الناس الاجتماعية السعيدة.
فإنه جعل البيت
الحرام قبلة يوجه إليه الناس وجوههم في صلواتهم ويوجهون إليه ذبائحهم وأمواتهم ،
ويحترمونه في سيئ حالاتهم ، فيتوحد بذلك جمعهم ، ويجتمع به شملهم ، ويحيى ويدوم به
دينهم ، ويحجون إليه من مختلف الأقطار وأقاصي الآفاق فيشهدون منافع لهم ، ويسلكون
به طرق العبودية.
ويهدي باسمه
وبذكره والنظر إليه والتقرب به والتوجه إليه العالمون ، وقد بينه الله تعالى بوجه
آخر قريب من هذا الوجه بقوله : «
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً
لِلْعالَمِينَ » ، : ـ آل عمران : ٩٦ وقد وافاك في الآية في الجزء الثالث من هذا الكتاب
من الكلام ما يتنور به المقام.
ونظير ذلك
الكلام في كون الشهر الحرام قياما للناس وقد حرم الله فيه القتال ، وجعل الناس فيه
في أمن من حيث دمائهم وأعراضهم وأموالهم ، ويصلحون فيه ما فسد أو اختل من شئون
حياتهم ، والشهر الحرام بين الشهور كالموقف والمحط الذي يستريح فيه المتطرق
التعبان ، وبالجملة البيت الحرام والشهر الحرام وما يتعلق بذلك من هدي وقلائد قيام
للناس من عامة جهات معاشهم ومعادهم ، ولو استقرأ المفكر المتأمل جزئيات ما ينتفع
به الناس انتفاعا جاريا أو ثابتا من بركات البيت العتيق والشهر الحرام من صلة
الأرحام ، ومواصلة الأصدقاء ، وإنفاق الفقراء ، واسترباح الأسواق ، وموادة
الأقرباء والأداني ، ومعارفة الأجانب والأباعد ، وتقارب القلوب ، وتطهر الأرواح ،
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 6 صفحه : 142