نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 6 صفحه : 124
الْإِنْسانَ
خُلِقَ هَلُوعاً ، إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ، وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ
مَنُوعاً ، إِلَّا الْمُصَلِّينَ) » الآيات : المعارج : ٢٢ وقوله : « اتْلُ ما أُوحِيَ
إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ
الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ » : العنكبوت : ٤٥ ، وقال تعالى : « فَاسْعَوْا إِلى
ذِكْرِ اللهِ » : الجمعة : ٩ ، يريد به الصلاة ، وقال : « وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي » : طه : ١٤ ، إلى غير ذلك من الآيات.
وقد ذكر سبحانه
أولا ذكره وقدمه على الصلاة لأنها هي البغية الوحيدة من الدعوة الإلهية ، وهو
الروح الحية في جثمان العبودية ، والخميرة لسعادة الدنيا والآخرة ؛ يدل على ذلك
قوله تعالى لآدم أول يوم شرع فيه الدين : « قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ
لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ
فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً
ضَنْكاً ، وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى » : طه : ١٢٤ ، وقوله تعالى : « وَيَوْمَ
يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ
أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ، قالُوا سُبْحانَكَ
ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ وَلكِنْ
مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكانُوا قَوْماً بُوراً » : الفرقان : ١٨ ، وقوله تعالى : « فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ
تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا ذلِكَ
مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ » : النجم : ٣٠.
فالذكر في
الآيات إنما هو ما يقابل نسيان جانب الربوبية المستتبع لنسيان العبودية وهو السلوك
الديني الذي لا سبيل إلى إسعاد النفس بدونه قال تعالى : « وَلا تَكُونُوا
كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ » : الحشر : ١٩.
وأما قوله
تعالى : « فَهَلْ
أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ » فهو استفهام توبيخي فيه دلالة ما على أن المسلمين لم يكونوا ينتهون عن
المناهي السابقة على هذا النهي ، والآية أعني قوله : « (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ) ، « إلخ » كالتفسير يفسر بها قوله : « يَسْئَلُونَكَ عَنِ
الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما
أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما » أي إن النفع الذي فرض فيهما مع الإثم ليس بحيث يمكن أن يفرز أحيانا من
الإثم أو من الإثم الغالب عليه كالكذب الذي فيه إثم ونفع ، وربما أفرز نفعه من
إثمه كالكذب لمصلحة إصلاح ذات البين.
وذلك لمكان
الحصر في قوله : « (إِنَّما يُرِيدُ
الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ) ، إلخ » بعد قوله : « رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ » فالمعنى أنها لا تقع إلا رجسا
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 6 صفحه : 124